أش واقع..مجرد رأي
أعاد تخليد الذكرى خطاب “أجدير”، النقاش حول مكتسبات وتحديات الأمازيغية بعد مرور 17 سنة على هذا الخطاب التاريخي، باعتبارها جزءا من الهوية والتاريخ المغربيين.
وقد اعتبر عدة نشطاء، بهذه المناسبة، أن النهوض بالأمازيغية يجب أن ينبني على مقاربتها من منظور مؤسساتي، حيث أن النضال من أجل الأمازيغية يجب أن يكون من داخل المؤسسات ومراكز القرار.
ودعا النشطاء الأمازيغ الساكنة، وجميع القوى الحية، إلى الانخراط في العمل من داخل المؤسسات في صنع القرار، وذلك من خلال دخول مجال السياسة من بوابة الأحزاب السياسية أو المؤسسات المنتخبة.
كما تساءل نشطاء أمازيغيون عن مدى إسهام الأمازيغ في صناعة واتخاذ القرار في المجالات الاقتصادية والسياسية والمدنية، وعن المعيقات والصعوبات التي يواجهها النهوض بالأمازيغية، منذ خطاب “أجدير سنة 2001، مرورا بترسيمها دستوريا سنة 2011، داعين في نفس الوقت إلى ضرورة الانخراط والعمل من داخل الأحزاب السياسية الوطنية، قصد إعطاء نفس جديد لهذه القضية.
وفي هذا السياق، فقد أكد متتبعون للشأن الجهوي أن النهوض بالأمازيغية يستلزم انخراطا حقيقيا من الأعيان بمنطقة سوس، وبكافة ربوع المغرب عموما، في العمل السياسي من داخل الأحزاب الوطنية والمجالس المنتخبة، بحيث تكون لهم سلطة اتخاذ القرارات ويكونون بمثابة قوة اقتراحية داخل المؤسسات، وذلك من أجل إعطاء دفعة جديدة وقوية للأصوات المنادية بالحفاظ على الهوية والثقافة الأمازيغيتين.
كما ذكّر نفس المتتبعين، بما أثارته قبل شهور تسمية أزقة أكادير بأسماء فلسطينية من جدل كبير، باعتبارها محاولة لمحو هوية المغاربة الزاخرة بالرموز التاريخية، واعتبروا أن هذا الطمس للهوية الامازيغية ما كان له أن يتحقق لو كان الأمازيغيون منخرطون بقوة في العمل السياسي.
وفي نفس السياق، اعتبر أحد النشطاء الباحثين، أن خطاب “أجدير” التاريخي، الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم 17 أكتوبر من سنة 2001 بإقليم خنيفرة، قد أعاد الاعتبار للثقافة واللغة الأمازيغيتين، ويعد انطلاقة تاريخية للنهوض بهما، وما تلا ذلك من إحداث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، الذي جعل الهوية والتاريخ في صلب اهتماماته، رغم أن القوانين التنظيمية لم تخرج إلى حد الآن للوجود.
ومن جانب آخر، اعتبر الباحث الأمازيغي أحمد عصيد، أن القوانين التنظيمية للغة الأمازيغية قد وصلت مراحلها الأخيرة، وتحتاج اليوم نزولا إلى الشارع وتنظيم وقفة أمام البرلمان.
كما دعا أحمد عصيد، في مداخلة له يوم السبت 20 أكتوبر بمدينة بيوكرى، بمناسبة انعقاد “منتدى أزا” الذي نظمه حزب التجمع الوطني للأحرار بإقليم اشتوكة أيت باها، إلى القيام بحملات تعبوية والمشاركة بمقالات تحليلية وتنظيم ملتقيات ومنتديات، للضغط قصد تسريع وثيرة إخراج هذه القوانين التنظيمية.
وجاء تنظيم “منتدى أزا”، الذي استمر على مدى ثلاثة أيام، تخليدا للذكرى 17 لخطاب “أجدير” حول الأمازيغية، حيث أكدت كل مداخلات هذا المنتدى، والمنظم من طرف تنسيقية حزب الحمامة بإقليم اشتوكة أيت باها، تحت شعار “الأمازيغية، المكتسبات والتحديات”، (أكدت) على ضرورة المقاربة المؤسساتية والمجالية ودورها في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، إضافة إلى تسليط الضوء على العلاقة بين الحركة الأمازيغية والأحزاب السياسية، وعلى مقاربة التجارب الدولية في تدبير التنوع الثقافي والتعدد اللغوي.
كما أكدت المداخلات على أن الثقافة الأمازيغية تشكل جزءا لا يتجزأ من الهوية المغربية المتعددة الروافد والمكونات، وأن النضال يجب أن يكون من داخل المؤسسات والمجالس المنتخبة التي تتخذ القرارات، مع المناداة بتسريع العمل لتفعيل القانون التنظيمي للغة الأمازيغية، في احترام تام لما جاء في خطاب “أجدير”.
وكان خطاب “أجدير”، الذي ألقاه الملك محمد السادس يوم 17 أكتوبر من سنة 2001 بإقليم خنيفرة، قد أكد على أن “النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية. كما أنّ عليها، انطلاقا من تلك الجذور، أن تنفتح وترفض الانغلاق، من أجل تحقيق التطور الذي هو شرط بقاء وازدهار أيّ حضارة”.
وباعتبار أن الأمازيغية مكون أساسي للثقافة الوطنية، وتراث ثقافي زاخر، شاهد على حضورها في كلّ معالم التاريخ والحضارة المغربية، فقد أكد الملك محمد السادس في خطاب “أجدير” على إيلائه الأهمية القصوى للنهوض بها عناية خاصة في إنجاز مشروع المغرب المجتمعي الديمقراطي الحداثي، القائم على تأكيد الاعتبار للشخصية الوطنية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية.
التعليقات مغلقة.