أش واقع تيفي / كنزة عتيق
احتضنت مدينة الجديدة يوم السبت 19 أبريل 2025 بالمركب الثقافي OCP واحدة من أبرز المحطات الفكرية لهذا الشهر بتنظيم مشترك بين Charisma Academy وجمعية ALCEJ من خلال فعاليات صالون الثقافة النفسية والتطوير الذاتي الذي خُصص في نسخته لأبريل حول موضوع على قدر عال من الحساسية والراهنية وهو “الأسرة المغربية والتحولات السوسيورقمية”.
الصالون استقطب جمهورًا متنوعًا من آباء وأمهات ومهتمين بالشأن التربوي والاجتماعي اجتمعوا داخل قاعة المركب الثقافي لمساءلة حاضر الأسرة المغربية في ظل طوفان التحول الرقمي وسط أجواء فكرية مشحونة بالتساؤلات والقلق حول مصير العلاقات العائلية وجودة التواصل بين الأجيال.
من جهة أخرى ضيف اللقاء كان الدكتور عبد الرحيم العطري أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس وباحث مرموق في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا مداخلته التي لاقت تفاعلاً واسعًا سلطت الضوء على التحولات الرقمية التي باتت تهدد بنية الأسرة المغربية مبرزًا مفارقات الواقع الجديد الذي فرضته الهواتف الذكية ومواقع التواصل الاجتماعي.
في لحظة بليغة قال العطري: خوفي كل الخوف أن تتحول الأسرة إلى أسرة فندقية نلتقي عند النوم ونغادر عند الاستيقاظ دون تواصل أو تربية حقيقية كما تحدّث عن أهمية التعامل مع الأبناء بالحيلة والذكاء العاطفي بدل العنف اللفظي أو القطيعة مع ضرورة استعادة دور الأسرة كحاضنة للقيم من خلال تعزيز الحوار والتربية بالقدوة واستعرض الدكتور بأسلوب قريب من الناس مجموعة من الأمثال الشعبية والتجارب التي تربى عليها جيل الأمس محاولًا بها تبيان الفجوة المتزايدة بين أنماط التربية التقليدية وتحديات العالم الرقمي في ظل انشغال الجميع بشاشات الهاتف أكثر من وجوه الأبناء.
وفي هذا الصدد الصالون أداره باقتدار الدكتور شاكر الذي لم يكتف بإدارة الحوار بل شارك بمداخلة تحليلية مهمة أبرز فيها الأبعاد النفسية للتحولات التي تشهدها الأسرة منبهًا إلى تفكك عاطفي صامت بدأ يزحف إلى العلاقات الأسرية بسبب الإدمان الرقمي والانفصال الوجداني بين أفراد البيت الواحد وقد فتح الدكتور شاكر باب النقاش أمام الحضور حيث عبّر العديد من المشاركين خاصة من الآباء والأمهات عن قلقهم الشديد تجاه مستقبل أبنائهم في ظل تسارع التكنولوجيا وغياب أدوات التواصل الفعالة بين الجيلين.
تميّز اللقاء بتفاعل قوي من طرف الجمهور الذين اعتبروا الصالون لحظة تنوير وعي جماعي وإعادة طرح لقضايا حساسة غالبًا ما تظل مسكوتًا عنها داخل البيوت المغربية كما أجمع الحاضرون على أن مثل هذه المبادرات الثقافية تشكل فسحة أمل في زمن تعجّ فيه الحياة بالتفاهة والإدمان الرقمي والانغلاق على الذات.
إنها مبادرة تثبت أن مدينة الجديدة كباقي المدن المغربية بما تحمله من طاقات فكرية ومدنية قادرة على خلق مساحات نقاش راقية تنبش في عمق التحديات اليومية وترسخ ثقافة السؤال والتربية والوعي في مواجهة عصر يوشك فيه الحوار داخل الأسر أن يصبح من بقايا الماضي.
في ختام الفعالية تم تقديم شهادة تقدير من طرف الدكتور شاكر للدكتور عبد الرحيم العطري كما اختتم اللقاء بعرض سكيتش هادف من أداء الطفلة التي أضافت لمسة فنية تحمل رسالة تربوية نبيلة.
وتؤكد Charisma Academy أن هذا ليس الصالون الأول من نوعه، حيث سبق وأن نظمت العديد من الفعاليات الناجحة التي لاقت إقبالاً واسعاً. وفي هذا السياق، تدعو الأكاديمية جميع الأسر المغربية إلى حضور الصالون المقبل، الذي سيجمع بين الثقافة النفسية والتطوير الذاتي، ويشكل فرصة مثالية للاستفادة من مجموعة من الأنشطة والمحاضرات التي تهدف إلى تعزيز الوعي الأسري والنفسي في المجتمع.
