تفاصيل جديدة ومثيرة في قضية الإطاحة بشبكة دولية تتاجر في الأعضاء البشرية

آش واقع تيفي 

أوضحت المديرية العامة للأمن الوطني، في بلاغ عممته وكالة المغرب العربي للأنباء، أن المكتب الوطني لمكافحة الهجرة غير المشروعة التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية أحال، صباح يومه الثلاثاء، على أنظار النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أربعة أشخاص، من بينهم ثلاث سيدات؛ وذلك للاشتباه في ارتباطهم بشبكة إجرامية دولية تنشط في الاتجار بالأعضاء البشرية وتهريب المخدرات.

وأضافت المديرية العامة للأمن الوطني، في بلاغها، أن “تفكيك هذه الشبكة الإجرامية جاء في سياق عملية تنسيق مشتركة بين الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ومصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني؛ وذلك بعدما تم رصد إعلان منشور على مواقع التواصل الاجتماعي يعرض خدمات استئصال أعضاء بشرية، وتحديدا الكلى، بمصحات خاصة توجد خارج المغرب، مقابل مبالغ مالية مهمة بعملات أجنبية”.

إعلان إشهاري.. “سوق بيع الكلى”

انطلقت أولى مسارات البحث في هذه القضية من إعلان منشور على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، يحمل اسم “سوق بيع الكلى”، يعرض خدمات لبيع الأعضاء البشرية مقابل مبالغ مالية مُغرية. وتبقى الملاحظة الأولية أن هذا الإعلان لم يكن يتضمن أي رقم هاتفي لتسهيل التواصل مع الجهة التي تتولى استئصال الأعضاء والمتاجرة بها، وإنما كان يصطدم الراغب في التواصل مع أصحاب هذا الإعلان بتعليق مكتوب مدون عليه “دوز على الخاص إلى كنت جاد”.

وبمجرد أن يبعث أي شخص برسالة نصية على الخاص حتى يتوصل برسائل متتالية تطالبه بإرسال رقمه الهاتفي، وفصيلة دمه، وبعد مرور ما يربو عن أسبوع تقريبا من هذه المحادثات النصية، تشرع سيدة مجهولة في الاتصال بالطالب على رقمه الهاتفي، وتطالبه بإجراء تحليلات طبية للتحقق من فصيلة دمه ووضعه الصحي، كما تحضُّه على ضرورة إنجاز جواز سفر إذا لم يكن متوفرا عليه وقتها، مع ضرورة تسليم هذه الوثائق لشخص آخر يتم تحديد موعد اللقاء به بالمدينة التي يقطن بها.

وبعد الانتهاء من هذه المرحلة التمهيدية، والتوصل بالضوء الأخضر من المصحة الأجنبية التي تقوم باستئصال وزرع الأعضاء البشرية، يتوصل الشخص الذي يتفاعل إيجابًا مع إعلانات البيع بمكالمة هاتفية جديدة من السيدة نفسها، تحدد له فيها موعد السفر نحو تركيا لإجراء العملية الجراحية، كما تخبره بكل تفاصيل هذه العملية وعائداتها المالية غير المشروعة.

مخدرات وأعضاء بشرية

وهي تبحث في هذه القضية المتشعبة، اكتشفت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ومصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني مفاجأة غريبة! فخلال عملية تعقب أحد الضحايا المفترضين لهذه الشبكة الإجرامية، الذي كان قد تواصل مع أعضائها بغرض بيع كليته، سوف تطالبه السيدة المجهولة نفسها بالتوجه إلى المحطة الطرقية بالدار البيضاء لاستلام طرد من سائق حافلة لنقل المسافرين، دون أن تكشف عن فحوى الطرد ووجهته.

لكن خلال تفتيش هذا الطرد فور استلامه سيتم العثور بداخله على “جاكيط” رجالي مدسوسة فيه كميات من المخدرات ملفوفة بعناية في الألياف الداخلية لهذه السترة. وفي أعقاب ذلك، سيتوصل المعني بالأمر مرة أخرى بمكالمة هاتفية من السيدة نفسها تطالبه فيها بتسليم الطرد لشخص آخر قادم من مدينة طنجة على مستوى محطة القطار! وهنا سيكتشف المحققون أن أعضاء هذه الشبكة الإجرامية يتلاعبون بضحاياهم وفق لعبة “المتاهة”.

فعندما تم توقيف الشخص الثاني القادم من مدينة طنجة لتسلم الطرد الملغوم بالمخدرات، اتضح أنه هو الآخر من ضحايا هذه الشبكة الإجرامية، وأنه بدوره كان يستعد للسفر نحو تركيا لبيع كليته، وأنه تم تسخيره لاستلام الطرد واصطحابه معه خلال سفره لإجراء العملية الجراحية، دون أن يعي بأنه محمل بالمخدرات.

كلية واحدة.. تساوي 14 ألف دولار

أكد بلاغ المديرية العامة للأمن الوطني أن الأبحاث القضائية المنجزة في هذه القضية أسفرت عن توقيف أربعة أشخاص، من بينهم ثلاث سيدات؛ وذلك بعد الاشتباه في ارتباطهم بأنشطة هذه الشبكة الإجرامية التي تتوفر على امتدادات وارتباطات إقليمية ودولية، سواء داخل المغرب أو تركيا أو حتى في دول أخرى.

وحسب مصادر قريبة من البحث فإن الأشخاص الموقوفين بالمغرب كان ينحصر دورهم في انتقاء الضحايا و”تجهيزهم” قبل تهجيرهم نحو تركيا محملين بالمخدرات وبكلى صحيحة صالحة للاستئصال والبيع. وهناك في تركيا يشرع مواطنون أجانب ينشطون في إطار الشبكة الإجرامية نفسها في استقبال الضحايا وإيوائهم وإخضاعهم للعملية الجراحية المطلوبة في مصحة متواجدة بالعاصمة التركية أنقرة.

وأكد الضحايا الفعليون، ممن باعوا كليتهم، في محاضر تصريحاتهم أمام الضابطة القضائية، أن أعضاء هذه الشبكة الإجرامية كانوا يسلمونهم تذكرة السفر ومبلغ 14 ألف دولار مقابل الكلية الواحدة، مع خدمات إقامة وإعاشة شاملة لكل النفقات، مُضاف عليها مصروف يومي قدره 150 ليرة تركية.

ومن المفاجآت التي كشف عنها البحث أيضا أن واحدا من الضحايا، الذين تم الاستماع إليهم في هذه القضية، أكد للمحققين أنه حين خضع للعملية الجراحية بتركيا التقى بثلاثة مواطنين مغاربة ينحدرون من الناظور وطنجة كانوا بصدد بيع كليتهم بنفس المبلغ وبإيعاز من أعضاء الشبكة الإجرامية نفسها.

وفي سياق متصل، شددت المديرية العامة للأمن الوطني، في بلاغها المنشور في هذه القضية، على أن عمليات التفتيش التي باشرتها عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية مكنت من حجز مبالغ مالية بالعملتين الوطنية والأجنبية، يشتبه في كونها من عائدات هذه الأنشطة الإجرامية، كما ضبطت إيصالات لتحويلات أجنبية، وتحليلات خاصة بفصيلة الدم لعدد من الضحايا المفترضين، وكميات من مخدر الشيرا؛ فضلا عن هواتف محمولة تم إخضاعها للخبرات التقنية المطلوبة.

كما أكدت المديرية العامة للأمن الوطني أنه “تم إيداع الأشخاص الموقوفين تحت تدبير الحراسة النظرية، على خلفية البحث الذي أمرت به النيابة العامة المشرفة على البحث”، مشيرة في السياق نفسه إلى أن “عمليات البحث والتنسيق في هذه القضية ستبقى متواصلة مع مكتب أنتربول أنقرة بتركيا، لتشخيص وتوقيف جميع المشاركين والمساهمين الأجانب والمغاربة المتورطين في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية.

التعليقات مغلقة.