موضة “خالف تعرف”

آش واقع تيفي الجمعة 10 يوليو 2015 - 14:49

لعل ما يثير انتباهي خلال هاته الأونة الأخيرة , خصوصا و نحن في شهر ديني (رمضان) تتشدد من خلاله الرقابة المجتمعية بشكل أساسي حول ممارسات المتدين إلى جانب أخيه المتدين , في الصيام و الصلاة و عموم ما فرضه الدين من عبادات… , و ذلك دون تحديق في درجة تدين فرد ما حتى لا ننزلق عن السياق الذي نود مناقشته . داخل المجتمع المتدين شكلا إذا صح التعبير , نجد أن فئة قليلة خارجة عن السياق الاجتماعي , فئة تمتلك فكرا نقيضا عن الفكر القطيعي العام للمجتمع , فئة تضع العقل و المنطق و الواقع الملموس في أولويات الفكر و التفكير , بعيدا عن مفاهيم “التحليل” و “التحريم” و “يوم الحساب”…..و التي أفرزها الدين كمنظومة إيديولوجية , و لكن ما يهمنا أكثر من كل هذا , هو التطور الاستثنائي لهاته الفئة القليلة داخل المجتمع و ذلك على المستوى الكمي , تطور ينتصر لفكر المنطق و إعمال العقل , و يضرب في عمق الفكر الميتافيزيقي و الأسطوري الذي يخذر الوعي , مما جعل من صراخ المطالبة بالحريات الفردية و حرية المعتقد يعلو و يرتفع عدوه أكثر فأكثر , رغم رصاص التكفير و الاتهام بالردة , و لكن السؤال أو الأسئلة التي تطرح ذاتها لدى المتتبع , هل هذا الكم الاستثنائي ممن ينتقدون الدين و المعتقدات و يختلفون معها و يطالبون بتحررهم من قيود الرجعية , هل يتوفرون على ممارسة صحيحة لفكرهم و قناعتهم ؟؟ و هل ممارستهم تنم عن فهم و وعي صحيح بذلك الفكر أو ذاك ؟؟…. إن واقع المرحلة , يجيب عن المشكلات المطروحة بالسلب لا بالإيجاب , و لعل خير مثال على ذلك , هو بعض أوجه الممارسات اللامسؤولة لمن يتشدقون بالتحرر و التقدمية , و بالتالي فممارسة الفكر بشكل لامسؤول و صبياني , يجعل من الفرد في محط تناقض , ينتج العبث محل المنطق و الجهل محل العقل , فعندما يصبح الشغل الشاغل لذلك الفرد , هو مواجهة ذلك النقيض المتدين الذي يحلل و يحرم في جهل واضح بالفكر , و لعل تلك المواجهة لو أنها كانت بالاستدلال المنطقي لسررنا و صرخنا فرحا بذلك , و لكن مع الأسف نجد أن مفاهيم “الظلامية” و “التجهيل” و “التكليخ” تنتشر كفقاعات الصابون من طرف ذلك الفرد الواعي في ضرب واضح لثقافة الحوار و تدبير الاختلاف , ألا نتكلم هنا انسياق في الجهل الأعمى بشكل غير ملموس ؟ , هذا من جهة , من جهة ثانية , نجد أن هناك بعض الأفراد ممن يدعون إلحادهم أو لادينيتهم و تلك حريتهم بطبيعة الحال و حقهم الطبيعي , يظهر من خلال أسلوب نقاشهم أو من ممارستهم , أنهم مرتبطون بفكر ما أو تيار ما لا عن اقتناع , بل ارتباطهم هو باب التشدق و التباهي و “خالف تعرف..” , لنترك المجال للأسئلة لتجيب عن ذاتها , فكرا و واقعا , هل أصبحنا مع الفكر و المعتقد ك”مـــوضة” ؟؟؟ هل نصبحنا نتعامل مع جهل المضمون و رقي الأسلوب المغشوش ؟؟؟……
و في الأخير أود أن أوضح , بأنني لا أضرب أو أطعن في فرد ما أو تيار ما أو فكر ما , فأنا شخصيا مع العفل و المنطق و ضد كل فكر يغيبهما , و لكن ما أهدف إليه من خلال المقال هو زوال التناقضات القائمة في الفكر و الممارسة , لأن التفرغ في انتقاد الأخر تساهم في تطوره , و تضعف الذات , لذلك لابد من نقد ذاتي يدفع بالذات إلى التطور من حسن إلى أحسن .
عبد الله المستعين

تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على Google News تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على Telegram

مقالات ذات صلة

حقوق الإنسان العنصرية: بين القمع والدعم
الثلاثاء 11 مارس 2025 - 18:08

حقوق الإنسان العنصرية: بين القمع والدعم

العبقرية المحمدية في إلغاء ذبح الأضحية
الأحد 9 مارس 2025 - 13:43

العبقرية المحمدية في إلغاء ذبح الأضحية

الأربعاء 19 فبراير 2025 - 18:30

اليوم الوطني للسلامة الطرقية: نحو تعزيز الوعي والحد من حوادث السير

الثلاثاء 18 فبراير 2025 - 16:25

دور الوساطة الملكية في مواجهة الحجز على أموال السلطة الفلسطينية