آش واقع تيفي من الرباط
أمام تنامي ظاهرة الإدمان على الأجهزة الإلكترونية وألعاب الفيديو، تتعالى الأصوات لدق ناقوس الخطر بهدف التصدي لها، خصوصا وأن الكثير من حالات الانتحار والعنف تعزى إلى هذا الإدمان الذي يكاد يوازي في خطورته المخدرات التقليدية.
في هذا الحوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، يجيب الأخصائي النفسي الإكلينيكي والمعالج النفساني، فيصل طهاري، على ثلاثة أسئلة حول أسباب إدمان الألعاب الإلكترونية وآثاره وطرق العلاج منه.
1 – ما هي الأسباب وراء إدمان الألعاب الإلكترونية؟
نعرف اليوم أن إدمان الألعاب الإلكترونية يعد اضطرابا من اضطرابات ما يسمى بالإدمان السلوكي. وقد تجاوزنا التعريف الكلاسيكي للإدمان المرتبط بالمخدرات، لنصبح نتحدث عن الإدمان على الأنترنت والألعاب الإلكترونية. وهذا النوع من الإدمان هو مرحلة تتجاوز استهلاك الألعاب الإلكترونية إلى مرحلة الإدمان. وقد أثبتت التجارب العلمية أن آثار هذا الإدمان على الدماغ تعادل آثار إدمان المخدرات على دماغ الطفل ودماغ الإنسان البالغ، علما أن الإدمان يتعلق بالبالغين والراشدين وليس الأطفال فحسب، غير أن خطورته تزداد في حالة الأطفال، نظرا لتأثيره على خلايا دماغه، لاسيما وأن دماغ الطفل ما يزال في طور النمو، وعلى قدراته المعرفية. لهذا يكون التأثير كبيرا جدا.
والأسباب ترجع في المقام الأول إلى إهمال الوالدين لهذا الطفل بتركه يلعب لساعات طويلة، ونحن نعلم جيدا أن الطفل لا يمكن أن يتحكم في اللعب ولا في مستوى لعبه، سواء في ما يخص اللعب الواقعي رفقة أصدقائه، مثل ممارسة كرة القدم أو غيرها، ولا حتى في اللعب الإلكتروني أمام الجهاز، وبالتالي فالوالدان يتحملان مسؤولية تقنين استهلاك واستخدام الانترنت والألعاب الإلكترونية ونوعية هذه الألعاب.
وهناك ألعاب كثيرة تحتوي على مشاهد عنف خطيرة جدا، وأخرى تعطي نوعا من الأوامر للأطفال. والجميع يتذكر الأطفال الذين أقدموا على الانتحار بسبب لعبة إلكترونية كانت تأمرهم بخوض تجربة الانتحار.
من هذا نخلص إلى أن الوالدين مسؤولان على تقنين استعمال الإنترنت والألعاب الإلكترونية. وبطبيعة الحال فإن الإدمان يرتبط بشكل أساسي بعدد الساعات الطويلة التي يستهلك فيها الطفل هذه الألعاب، مما يجعله يصل إلى مرحلة يقوم فيها الدماغ بإفرازات معينة. وكلما كان الاستهلاك المتكرر، زاد عدد ساعات الاستهلاك لبلوغ تلك النشوة التي يكون الدماغ مسؤولا عنها، مما يجعله يفقد في مرحلة معينة الرغبة في الدراسة واللعب الحقيقي وتقتصر كل متعته على اللعب الإلكتروني.
2 – ما هي انعكاسات هذا النوع من الإدمان على الأداء الدراسي، والعلاقات الأسرية والاجتماعية؟
تخص الآثار المترتبة عن الإدمان الإلكتروني في المقام الأول صحة الفرد، بحكم أن وظائف الدماغ المتمثلة في الذكاء والإدراك والانتباه والتركيز والذاكرة تتأثر بشكل كبير بسبب الساعات الطويلة من اللعب. ويؤثر اضطراب الإدمان على الألعاب الإلكترونية بشكل مباشر على الأداء الدراسي للطفل وعلى العملية التعلمية. ومن الاضطرابات التعلمية نجد عسر الكتابة والقراءة، بحكم أن الطفل المدمن يتقوقع على نفسه وتربطه علاقة وطيدة جدا بجهاز اللعب، سوءا الهاتف أو اللوحة الإلكترونية، ويقطع علاقاته الاجتماعية مع أقرانه. ونحن نعلم من الناحية النفسية الاجتماعية تأثير جماعة الأقران على نموه النفسي المعرفي، وبالتالي يعد هذا الأمر خطيرا جدا، مما قد يتسبب في اضطرابات في الشخصية مستقبلا. ويمكن أن يتطور الأمر إلى ظهور أعراض القلق والضغط النفسي، كما يمكن أن يصل في مرحلة معينة إلى الإصابة باضطراب الاكتئاب عندما يجد الطفل نفسه معزولا عن وسطه الاجتماعي ومنعزلا ومنطويا على نفسه.
3 – ما هي طرق العلاج من هذا الإدمان؟
هناك أولا التدخل المبكر للوالدين للحد من استهلاك أبنائهم للألعاب الإلكترونية، وهو أمر ضروري جدا، حيث يجب تعزيز السلوكيات الإيجابية لدى الطفل وإعطاؤه بدائل أخرى غير الألعاب الإلكترونية واستهلاك الإنترنت. والأهم مشاركته اللعب، بمعنى أن الوالدين يجب أن يشاركا الطفل اللعب الحقيقي.
وفي المراحل المتقدمة من الإدمان المتمثلة في رصد بعض اضطرابات التعلم أو الاضطرابات المعرفية، فمن الضروري تدخل المعالجين النفسانيين أو معالجي الإدمان. أما في حالة ظهور أعراض قوية للقلق والاكتئاب، فيمكن اللجوء إلى التدخلات الدوائية.
التعليقات مغلقة.