آش واقع / مصطفى منجم
عاد ملف المحروقات من جديد ليضع يده في جيوب المغاربة، بعدما استنشق المواطنون رائحة الغلاء التي باتت تفوح بين محطات الوقود، زيادات بالدراهم ونقصان بالسنتيمات، عنوان الوضع الكارثي الذي يشوب قطاع الطاقة او بالأحرى المحروقات.
هذا الملف أثقل كاهل الأسر المغربية لسنوات عديدة، وهاهو الأن بات يطفوا فوق صفيح ساخن، نظرا لتأزم الحالة الاجتماعية بسبب التداعيات التي خلفها فيروس كورونا بعدما اتضح معه لقاح الفقر ليوسع بشكل كبير من بؤرته المدقعة، دون إغفال تقلب مجريات المناخ السياسي العالمي الذي أثر بشكل فعلي وسلبي على هذا الوضع.
وفي هذا الإطار أكد وديع مديح رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات المستهلك في تصريحه لجريدة أش واقع تيفي، قائلا:”الزيادة التي عرفتها الأسواق الوطنية بداية الأسبوع الجاري، فهي زيادات مهولة ستأثر سلبا على المستهلك وعلى قدرته الشرائية، علما أن مادة المحروقات تتداخل في جميع القطاعات الأخرى باعتبارها مادة فعالة ومطلوبة”.
وأضاف أيضا:”وجب على الدولة أن تتدخل من أجل وضع حد لهذه الزيادات التي باتت تكتوي جل المغاربة” مشيرا في ذات الوقت” آن الأوان قد حان لتدخل الدولة والجهات المعنية من أجل المحافظة على القدرة الشرائية للمستهلكين، وأيضا لتفادي أي انزلاقات أصبحت تقع فيها الدول المجاورة لنا والتي تأثر على السير العادي للبلاد”.
وفي ظل الزيادات المتكررة فقد شهد الاقتصاد الوطني نوع من التضخم بعدما سجل هذا الأخير ارتفاعا مهولا في الأشهر الأخيرة، وذلك بسبب مجموعة من العوامل والأسباب المنقسمة بين الداخلية والخارجية.
ووصف المحلل الاقتصادي محمد جدري في تصريحه للجريدة الوضع الحالي للمملكة المغربية قائلا:”أن الاقتصاد الوطني يعاني من موجة التضخم التي وصلت الى مستويات قياسية، كما أن هذا المؤشر بلغ خلال غشت الماضي 8 في المائة باعتباره رقم غير مسبوق على مستوى المحلي”مؤكدا أيضا: “أن من بين الأسباب الرئيسية التي جعلت مؤشر التضخم يرتفع بهذا الشكل هو ارتفاع أسعار المحروقات على الصعيد الوطني”.
وأضاف محمد جدري:”العالم في الآونة الأخيرة تأثر بفعل تداعيات الجائحة، وبالتالي كان هناك ارتباك كبير في سلاسل الانتاج وسلاسل التوريد، بالإضافة إلى الحرب الحالية بين أوكرانيا وروسيا”، مبرزا: ” أن الطلب العالمي على المنتوجات البترولية هو اكبر بكثير من العرض، الشيء الذي جعل برميل النفط يرتفع ليصل إلى 120 دولار بين شهر أبريل وماي الماضي”.
واستطرد المتحدث نفسه أن:” خلال شهر شتنبر بدأ ينخفض سعر برميل النفط حيث وصل إلى 80 دولار، لكن للأسف فإن مجموعة “اوبك بليس” قررت خفض نسبة انتاجها بمليوني برميل يوميا، الأمر الذي جعل اسعار النفط ترتفع من جديد خلال نهاية شتنبر وبداية اكتوبر لتصل الى 98 دولار للبرميل”.
هذا ويعد إغلاق مصفاة “لاسامير” المختصة في إنتاج وتكرير البترول أكبر جريمة في حق المستهلك حسب قول الخبراء، هذا الإجراء قد غير الشيء الكثير داخل هذا القطاع وخاصة في قضية الاستيراد، مع العلم أن رخصة الاستيراد تخضع لشروط غير واضحة بعيدة عن الشفافية والنزاهة، حيث باتت تحرف سير المنافسة الحرة في السوق الوطنية.
مصفاة لاسامير كانت تأمن حوالي 40 في المائة من حاجيات الأسواق الوطنية من ناحية الغازوال وقرابة 70 في المائة من البنزين، حيث باتت الدولة تعتمد بعد اغلاق المصفاة على عملية الاستيراد الكلي لهذه المواد البترولية.
وفي هذا الصدد أكد المحلل الاقتصادي محمد جدري:” أن المغرب يستورد كل حاجياته النفطية من الخارج، بسبب وجود مشكل على مستوى مصفاة لاسامير، بذلك يتم استيراد كل المحروقات بشكل صافي وليس خام، وبالتالي فإن هناك طلب كبير على مستوى التكرير، حيث يوجد فرق بقيمة 3 الى 4 دراهم ما بين نفط الخام والاخر الصافي”.
وشدد جدري في حديثه:” على أن الحكومة يجب ان تعمل في السنوات القادمة على توضيح قوانين المنافسة، من اجل احداث نوع منها بطريقة شريفة بين الفاعلين في المنتوجات البترولية، بحيث أصبح غير مقبول أن توجد شبهة الاتفاق بين الفاعلين”.
وأبرز أيضا:”من الضروري أن تقوم الحكومة بمراجعة المنظومة الضريبية، حيث أن كل مواطن مغربي يؤدي 2.42 درهم كضريبة داخلية على الاستهلاك، كما يؤدي 10 في المائة على قيمة المضافة للسعر النهائي”.
وبخصوص مصفاة لاسامير أوضح المحلل الاقتصادي:” على أن مجلس المنافسة أكد سابقا أنه يجب وضع دراسة شاملة للمصفاة من أجل معرفة مدى قدرتها على أداء الخدمة المقدمة من قبل في إطار التكرير”.
وشهد الأسبوع الحالي في بدايته إرتفاعا في ثمن المحروقات الشيء الذي أثار غضب المواطنين من جديد بسبب تكرار نفس سيناريوهات الأشهر الماضية، رغم أن الحكومة قد اتخذت سابقا مجموعة من الإجراءات ابرزها دعم مهنيي النقل، الشيء الذي فسره محمد جدري:” بأنه من المتوقع خلال الاسابيع القليلة المقبلة أن تشهد نوع من الانخفاض نظرا لانخفاض ثمن برميل النفط”.
واختتم كلامه بالحديث عن الإجراءات الحكومية قائلا:” أن الحكومة قامت بمجموعة من الإجراءات من أجل دعم القدرة الشرائية للمواطنين عن طريق دعم مهنيي النقل بمبلغ مالي قدره 3.5 مليار درهم على شكل خمس دفعات، الشيء الذي جعل ثمن التنقل في مستوى التطلعات”.
وفي ظل هذه الظروف الراهنة بات يعتمد المغرب على الاستيراد الكلي، حيث تنفق الدولة من سنة (2018 الى 2021) حوالي 35 مليار الدرهم فيما يخص الغازوال والبنزين، و75 مليار الدرهم فيما يتعلق بالغاز والفيول.
التعليقات مغلقة.