الجديدة: OCP يحتفل بمياه الجرف المحلاة في خريبكة، بينما جيرانه بالجديدة “يموتون عطشاً وخنقاً بالتلوث” قرب المحطة

أش واقع تيفي / الجديدة 

في مشهد وُصف بـ”الاستفزازي” وأثار غضبًا عارمًا في صفوف الساكنة المجاورة للجرف الأصفر، احتفل عدد من مستخدمي المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) بوصول مياه التحلية القادمة من محطة الجرف الأصفر إلى مدينة خريبكة.
ويأتي هذا في وقتٍ تعاني فيه دواوير قريبة جدًا من نفس محطة التحلية من العطش وغيابٍ تام للماء الصالح للشرب، في مفارقة صارخة تُجسّد اختلالًا فادحًا في توزيع الثروات الحيوية، هذا التباين الحاد بين وفرة المياه التي تُنقل لمسافات طويلة نحو المدن الكبرى وبين الجفاف القاتل الذي تعيشه الساكنة المجاورة للمشروع فجّر موجة من الاستياء الشعبي وأثار تساؤلات حارقة حول أولويات الجهات المسؤولة في توزيع هذه المادة الأساسية للحياة.

في إقليم الجديدة، تتعالى صرخات الغضب والشعور بالظلم حيث يواجه سكان دواوير المسيرة 1 و2، ومولاي عبد الله، وأولاد رحمون، والحوزية، أزمة مياه خانقة تتفاقم يومًا بعد يوم، هذه المعاناة تتزامن مع وصول مياه التحلية القادمة من محطة الجرف الأصفر إلى مدينة خريبكة، مما يثير استياءً شعبيًا واسعًا لا سيما بين المجاورين لمحطة التحلية نفسها.

وفي تعبير صارخ عن هذا التناقض يتساءل أحد سكان الدواوير المجاورة: “واش حنا حداكم كنموتوا بالعطش ونتوما ديتوه حتى لخريبكة ولا حنا كتشيط لينا غير ريحة التلوث الفوسفاطي؟” هذه الكلمات تعكس حجم المرارة والإحساس بالإهمال، بينما يضيف آخر بلهجة تحمل مرارة: “أه مزيان مبادرة جيدة ولكن عتقونا حنا لولين بعدا”، هذه العبارات الشعبية تكشف عن عمق المعاناة والشعور بالظلم الذي يعيشه السكان فصرخات “نموت عطشًا” أصبحت جزءًا من يومياتهم.

إن أزمة المياه في هذه الدواوير ليست وليدة اليوم بل هي مشكلة مزمنة تتفاقم مع استمرار الجفاف وغياب الإدارة الرشيدة للموارد المائية، شهد يوم الأربعاء 02/07/2025 دوار النواصرة بجماعة الحوزية وقفة احتجاجية أمام عمالة الجديدة احتجاجًا على الحرمان من الماء الصالح للشرب ما يؤكد أن الأزمة تتسع وتطال مناطق أخرى، هذا الوضع يطرح تساؤلات جدية حول العدالة في توزيع الموارد والتحديات البيئية التي تفرضها الأنشطة الصناعية الكبرى في المنطقة.

وفي نفس السياق تعيش مئات الأسر خاصة في دوار المسيرة 1 و2 (أكثر من 500 منزل) انقطاعات للمياه تستمر لساعات طويلة أو حتى أيام، مما يجبرهم على البحث عن الماء في آبار غير مضمونة النظافة أو شرائه بأثمان باهظة من الصهاريج المتنقلة، في ظل صمت مطبق من الجهات المعنية وتجاهل غير إنساني لوضعهم، “قد نقضي بين 3 و5 ساعات يوميًا في التنقل للبحث عن آبار صالحة للشرب في مناطق مجاورة ويزداد الأمر تعقيدًا حين ينعدم وجود الماء” تقول إحدى المواطنات المتضررات: هذا الوضع لا يؤثر على النظافة الشخصية والعامة فحسب، بل يهدد بتفشي الأمراض خاصة في فصل الصيف ويمس بشكل مباشر كرامة المواطنين.

تتجاوز تداعيات أزمة المياه الجانب الصحي والبيئي لتمتد إلى أبعاد اجتماعية واقتصادية عميقة، فمعاناة السكان تزيد من أعباء الأسر وتفجر التوترات الاجتماعية وقد تدفع البعض نحو الهجرة بحثًا عن الحياة الكريمة، كما تؤثر ندرة المياه على القطاعات الحيوية كالزراعة مما يهدد الأمن الغذائي ويزيد من التحديات التنموية.

وفي وقت يُنظر فيه إلى مشروع إيصال مياه التحلية إلى خريبكة كإنجاز تقني ولوجيستي ضخم، فإن معاناة دواوير إقليم الجديدة تكشف وجهًا آخر من الاختلالات في العدالة المجالية وتوزيع الموارد الحيوية، فإلى متى سيستمر هذا التجاهل الصارخ لحقوق الساكنة القروية في الماء؟ وهل ستتحرك الجهات الوصية لإيجاد حلول عاجلة تضمن حق الجميع في هذه المادة الحيوية الأساسية؟ إن المغرب الذي يستعد لاستضافة أحداث دولية كبرى مثل كأس العالم يجب أن يضمن أولًا توفر أبسط حقوق مواطنيه.