أش واقع تيفي / مكناس
يعرف المشهد الاقتصادي المحلي في عمالة مكناس تحولا تدريجيا، بفضل الدينامية المتزايدة التي تعرفها التعاونيات.
وتساهم هذه البنيات، المدعومة بشكل فعال من قبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في إرساء دينامية محلية قائمة على الإدماج والتمكين وإنتاج القيمة المضافة على المستوى الترابي.
ومنذ إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة (2019-2025)، وفي إطار برنامج تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، استفادت نحو 85 تعاونية من دعم مالي ومواكبة تقنية، مما يؤكد دورها المتزايد داخل النسيج السوسيو-اقتصادي بالإقليم.
وت عد تعاونية “قطر ندى”، المتخصصة في الزيوت الأساسية والنباتات الطبية والعطرية، مثالا ساطعا على هذه الدينامية، حيث تجسد هذه التعاونية التي تأسست سنة 2016 بمبادرة من مجموعة من الشباب، تشكل النساء منهم حوالي 60 في المائة منهم، نموذجا لمبادرة مواط نة يقودها شباب المنطقة.
وأوضح رئيس التعاونية، هبة الله الخليفة، أن “العمل في إطار تعاونية موحدة كان الخيار الأنسب لنا كشباب. لقد أتاح لنا ذلك استثمار كفاءاتنا وخلق فرص عمل والمساهمة في تنمية الاقتصاد المحلي”.
وقد شارك أعضاء التعاونية في العديد من المعارض الجهوية والوطنية، مما مكنهم من التعرف عن كثب على متطلبات السوق وتحسين جودة منتجاتهم وتطوير مهاراتهم، وجعلهم واعون تماما بأهمية الرفع من قدراتهم الإنتاجية وتعزيز الابتكار.
وأوضح السيد الخليفة “في تلك المرحلة، كان تدخل المبادرة الوطنية حاسما، حيث استفدنا من مواكبة منظمة وفعالة ساعدتنا على تعزيز قدراتنا وتحسين مردوديتنا بشكل ملحوظ”.
وقد حظيت التعاونية بدعم سريع وملموس، حيث تم قبول ملفها خلال نفس سنة تقديم الطلب، وتمت مواكبتها من طرف مختلف مكونات المنظومة الترابية للمبادرة. والنتيجة: تعزيز الإنتاج وتوسيع شبكة الشركاء وخلق فرص إدماج لفائدة شباب آخرين.
نموذج حي مماثل، يتمثل في تعاونية “تيناس كوب” المتخصصة في تثمين العسل ومشتقاته، التي تأسست سنة 2022 بجماعة ويسلان، من قبل خمس نساء عقدن العزم على استغلال الموارد المحلية بشكل مستدام.
وأوضحت السيدة ن ج د ، رئيسة التعاونية، “بدأنا ببيع العسل مباشرة، لكننا سرعان ما أدركنا أهمية التحكم في سلسلة الإنتاج كاملة، من الإنتاج إلى التسويق”.
وبفضل دعم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، الذي غطى 60 في المائة من تكاليف المشروع، استطاعت التعاونية اقتناء معدات حديثة مطابقة لمعايير المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وإنشاء منحل خاص بها. كما ساعدها هذا الدعم على إنشاء وحدة إنتاج وتجهيز فضاء جذاب للبيع.
وأكدت رئيسة التعاونية أن “الحصول على الاعتماد الصحي شكل محطة أساسية، إذ فتح لنا أبواب أسواق جديدة وعزز ثقة الزبائن في منتجاتنا”.
واليوم، تواصل التعاونية تطورها بوتيرة متسارعة، فقد تم إدماج تعاونيات جديدة، كما توسعت باقة منتجاتها، ومنها منتوجها الجديد: معجون العسل القابل للدهن، الذي حظي بإقبال كبير من طرف المستهلكين المحليين.
وبحسب معطيات قسم العمل الاجتماعي بعمالة مكناس، فقد عبأت المبادرة على مستوى الإقليم غلافا ماليا قدره 22 مليون درهم، منها 14 مليون درهم تم تمويلها من طرف المبادرة. وبلغ عدد المستفيدين المباشرين من هذه المشاريع 608 شخصا، رجال ونساء.
دعم المبادرة لم يقتصر على الجانب المالي فحسب، بل شمل أيضا المواكبة الموالية للإحداث لضمان استدامة المشاريع. وشملت هذه المواكبة 62 تعاونية تضم 284 مستفيدا، من خلال التأطير والتكوين، والدعم التقني المستمر.
وتندرج هذه المبادرات في صلب الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، الذي ي عد رافعة حيوية للإدماج الاقتصادي للشباب والنساء، وآلية فعالة لمكافحة الهشاشة والفقر.
وانطلاقا من رؤية تنموية بشرية مستدامة، تشكل هذه التعاونيات اليوم مراكز كفاءة وابتكار وصمود محلي. وفي مكناس، ت جسد هذه الدينامية إرادة المملكة، تحت القيادة النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بناء اقتصاد مستدام وشامل.
تعليقات
0