أش واقع تيفي / هشام شوراق
تساؤلات حارقة تُوجَّه إلى السلطات القضائية بعد إعلان الدكتور الفاريسي عن تجاوب وزارة الصحة مع مطالبه، إثر تهديده العلني بفضح “مسرحية مستشفى أكادير” هذا التجاوب، الذي تم في ظرف زمني قياسي، يُعدّ في نظر المتابعين للواقعة اعترافًا ضمنيًا من الوزارة بوجود خلل أو خروقات، مما يحوّل القضية من مجرد خلاف مهني إلى شبهة تواطؤ علني للتستر على حقائق قد تمس حياة المواطنين وسلامتهم، خصوصاً بعد التقارير عن وفيات سابقة في المستشفى المعني.
استفهام قضائي عريض يُطرَح على طاولة النيابة العامة، حول أسباب التغاضي عن فتح تحقيق فوري في واقعة التهديد المباشر والموثق، إن إعلان طبيب عن امتلاكه معلومات حول “مسرحية” – وهو لفظ يحمل دلالات التزوير والتلاعب – داخل مؤسسة عمومية حيوية، يستوجب تدخلًا قضائيًا عاجلًا لفك شفرة هذا التهديد، بدل انتظار أن يُنهي المعني بالأمر “مفاوضاته” مع الوزارة إن صمت النيابة العامة أمام هذا التحدي العلني يطرح علامات استفهام حول جدية تطبيق القانون وفعالية الردع.
وتأتي هذه الحادثة الصارخة لتعزز القناعات التي دفعت بشباب جيل Z للاحتجاج والمطالبة بالإصلاح الجذري إن هذا السلوك، الذي يجسد التهديد بـ”التواطؤ” والتستر على معلومات جوهرية تمس الأمن الصحي العام، ويُقابل بتجاوب سريع يبعث على الشك، يمثل تجسيدًا حيًا للاختلالات التي يطالب الشباب بمعالجتها فالدكتور الفاريسي، في نظر المنتقدين، يصبح نموذجًا لظاهرة واسعة حيث يتم مقايضة الحقيقة والشفافية بمصالح فئوية أو شخصية وهو ما يضرب في صميم مطالب جيل Z بـإصلاح المنظومة الصحية والقضاء على الفساد وازدواجية معايير تطبيق القانون التي تجعل المتنفذين بمنأى عن المحاسبة، بينما يظل المواطن الفقير هو الضحية. هذه الحالات هي الوقود الذي يغذي مطالب الشباب بضرورة إعادة بناء الثقة في المؤسسات وفرض الحكامة الرشيدة.
مطالب شعبية عارمة بضرورة تطبيق مبدأ المحاسبة على الجميع، فالتساؤل المشروع الذي يطغى على تعليقات الشارع هو: لماذا كان التجاوب بهذه السرعة الكبيرة؟ هذا التجاوب يرسخ قناعة لدى الجمهور بأن التهديد بـ”الفضيحة” هو الأداة الأكثر فعالية للحصول على الحقوق أو التنازلات وليس المسار المؤسساتي والرقابي الطبيعي هذا المنهج يضرب في عمق الثقة المتبادلة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
انتقاد لاذع يطال تعامل وزارة الصحة مع الأزمة، فبدلًا من فتح تحقيق داخلي شفاف وتصحيح الاختلالات بناءً على مطالب الأطباء، سارعت الوزارة إلى لقاء المسؤولين بعد التهديد، هذا السلوك يعطي انطباعًا بأن الوزارة لا تحركها الإرادة الإصلاحية بقدر ما تحركها ضرورة إطفاء الحريق الإعلامي، مما يعزز فكرة وجود ما يستوجب التستر عليه ويُضعف مصداقية أي خطوات إصلاحية قد تعلن عنها لاحقًا.
تأكيد على مبدأ “القانون يطبق على الجميع” يبرز في خضم هذا الجدل، التعليقات الشعبية تشير بوضوح إلى أن تطبيق القانون يبدو صارمًا وحازمًا على الفقراء والمواطنين العاديين في قضايا بسيطة، بينما يتسم بالتراخي والتأجيل أمام قضايا تمس النخب والمسؤولين أو من يملكون أوراق ضغط، هذه الازدواجية في المعايير هي ما يغذي الشعور بالإحباط ويهدد السلم الاجتماعي والعدالة المجالية.
إدانة ضمنية لكل من يتواطأ على إخفاء الحقيقة سواء كان طبيبًا أو مسؤولًا إداريًا، إن القضية لم تعد تتعلق بمطالب الأطباء المقيمين، بل أصبحت قضية رأي عام ترتبط بحق المواطن في العلاج الآمن وفي معرفة الحقيقة كاملة، التستر على الخروقات في مؤسسة صحية عامة، خصوصاً في ظل الحديث عن وفيات، يُعتبر جريمة أخلاقية ومهنية تستوجب أعلى درجات المساءلة.
مطلب وطني عاجل بتفعيل دور النيابة العامة لإنهاء “المسرحية الكبيرة” التي أصبحت تُدار في قطاع الصحة وفي كل القطاعات، يجب على القضاء أن يثبت استقلاليته وحياده عبر فتح تحقيق شامل في: سبب التهديد، مضمونه، وأسباب التجاوب السريع من الوزارة. إن الفشل في التحرك الآن سيُرسخ قناعة بأن التهديد هو مفتاح الحل وأن التستر هو الثمن المدفوع للحفاظ على الهدوء الظاهري.
عكست التعليقات على إعلان الدكتور الفاريسي عن تجاوب الوزارة موجة غضب واسعة وسخطًا شعبيًا عميقًا على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد أجمع المعلقون على أن هذا التجاوب السريع، عقب التهديد بفضح “المسرحية”، يؤكد وجود “خروقات” و”تواطؤ” محتمل داخل المنظومة الصحية وتساءل ياسين بسخرية عما إذا كانت الحقيقة ستُدفن ضمن “صفقة” مع الوزارة، بينما عبرت كنزة عن إحساس مرير بأن “المواطن اللي كيدخل عندكم سبيطار ضرب بابه الخلا”، مطالبة بضرورة تدخل “النيابة العامة” فوراً لأن “را دولة هدي ماشي زريبة” فيما ذهبت تعليقات أخرى، مثل حوبرا وبوسيتة وعمراني، إلى ما هو أبعد، حيث اتهموا الدكتور الفاريسي صراحة بإمكانية ارتكاب “جريمة التستر”، مؤكدين أن السكوت عن الحقائق التي تضر بالمواطنين هو “شيطان أخرس” كما طالبت سُكينة ومريم بالكشف عن “الأسرار” التي استُخدمت في التهديد، مشددين على أن القانون يجب أن يُطبق على الجميع، وليس “فقط على المواطنين الفقراء”، هذا التفاعل يؤكد أن الرأي العام يعتبر الآن أن حماية المواطن تتطلب تحقيقاً في كل من التهديد السريع والتجاوب الأسرع.
تعليقات
0