أش واقع تيفي / الجديدة
في خضم المتابعة القضائية التي تهز أركان مدينة الجديدة، تتكشف فصول ملف يلامس أعمق نقاط الإجرام المالي المنظم، ملف لم يعد يقتصر على مجرد “نزاع مالي عابر” بل تشابكت فيه خيوط النصب والاحتيال والتهديد، وصولاً إلى المساس بالسلامة الجسدية والنفسية للضحايا، القضية التي يتابع فيها المتهم الرئيسي “محبوب الرحيب مهيب” ومن معه، تعد نموذجاً صارخاً لجرائم الياقات البيضاء التي تستغل الثغرات القانونية والعلاقات الاجتماعية لبناء إمبراطوريات وهمية على حساب المودعين والمستثمرين.
المعالجة المهنية تقتضي وضع الأصبع على جرح استغلال الأدوات القانونية والتجارية في غاية غير مشروعة، حيث تدور اتهامات خطيرة حول شبكة إجرامية منظمة تخصصت في “التلاعب بالمزادات العلنية” والمساس بمبدأ الشفافية والمنافسة الشريفة، المشتكي (ع.ح)، يروي في شكواه الموثقة تفاصيل دقيقة وخطيرة عن كيفية تحويل مبلغ تجاوز 1.9 مليون درهم (مليار وتسعمائة ألف سنتيم)، إلى ما يشبه وديعة في “فخ استثماري” مموه بصفة مزاد عقاري، لم يكن الأمر مجرد خطأ في التقدير، بل خطة محكمة لاستدراج الأموال بناءً على وعود زائفة بأرباح خيالية وعقارات مستقبلية، مستخدمين واجهات قانونية كشركة وهمية لإضفاء شرعية زائفة على عملية جوهرها الاحتيال.
التحليل العميق يكشف أن هذا النوع من الجرائم المالية لا يعتمد فقط على الكذب المباشر، بل يستند إلى بناء شبكة معقدة من المغالطات تبدأ بإيهام الضحية بالدخول في “صفقات حصرية” ذات عائد سريع ومضمون، كما تؤكد الوثائق، استُخدمت المزادات العلنية كغطاء لعملية تبديد أموال، وتبيان أن الأموال دفعت مقابل “مشاركة” و”مزايدة” على عقارات دون أن يترتب على ذلك أثر قانوني حقيقي يضمن حق الضحية أو ملكيته، هذا التكتيك يعكس مستوى عالٍ من الإتقان الإجرامي في تحويل العلاقة المالية المشروعة ظاهراً إلى عملية نهب منظمة، وهو ما يستوجب تدخلاً قضائياً حاسماً لاجتثاث هذه الظاهرة.
المساءلة القانونية يجب أن تطال كافة الأطراف المتورطة في هذه الشبكة، من المنظمين الرئيسيين إلى كل من ساهم في تبييض هذه العمليات، عبر الاستغلال السلبي للصفة أو التغاضي عن خرق القوانين، وتكتسب القضية بُعداً أكثر حدة مع ورود وقائع التعذيب النفسي والتهديد بنشر صور خاصة لزوجة المشتكي، وهي ممارسات تتجاوز حدود الجريمة المالية لتلامس الجرائم العادية والعنف والابتزاز، هذه الأساليب تعكس أن هدف الشبكة لم يكن مجرد الاستيلاء على المال، بل استخدام العنف والتهديد كوسيلة لفرض الصمت والإجبار على سحب الشكايات، مما يؤكد الطبيعة العنيفة والمهددة لهذه الشبكة الإجرامية.
المتتبع ينتظر من القضاء المغربي إظهار أقصى درجات الحزم، خاصة بعد صدور أمر بالإيداع في السجن ضد المتهم الرئيسي، ففي قضايا النصب والاحتيال المنظمة، تكمن قوة الحكم ليس فقط في معاقبة الجناة، بل في بث رسالة طمأنة للرأي العام والمستثمرين بوجود رقابة قضائية فعالة قادرة على حماية المعاملات التجارية من الاختراق الإجرامي، إن تفكيك هذه الشبكة ومصادرة الأموال المنهوبة هو الطريق الوحيد لإعادة الثقة في المسار القانوني والاقتصادي، وضمان عدم تحول العدالة إلى مجرد مطلب مؤجل.
يتبــــــــع…..






تعليقات
0