أش واقع تيفي / هشام شوراق
لم يأتِ البحث عن تصريح رسمي من جامعة شعيب الدكالي بخصوص الأزمة المتفاقمة بكلية الآداب بالجديدة بجديد، ففي الوقت الذي تتوالى فيه البيانات النقابية الحادة التي تتهم الإدارة، ممثلة في الكاتب العام والعمادة، بـ “التضييق التعسفي” و “انتهاك الحريات النقابية”، تستمر رئاسة الجامعة في شخص عز الدين عازم، وعميد الكلية محمد يعو، في التزام صمت رسمي أشبه بالتواطؤ، هذا الصمت ليس مجرد غياب للرد، بل هو إقرار ضمني بخطورة الاختلالات المسرودة و تنصل سافر من المسؤولية المؤسساتية.
إن الإصرار على التزام الصمت، حتى بعد انقضاء المهلة التي تلت إرسال الطلب الرسمي من هيئة تحرير “أش واقع تيفي” في 21 أكتوبر 2025، وبعد مرور يوم على بيان التضامن الأخير لـ كدش بتاريخ 30 أكتوبر 2025، يضع الجامعة في موقع المتهم الرئيسي بـ “الفشل الذريع في الحكامة الجامعية”، الاتهامات التي وجهتها النقابة خطيرة جداً ولا تحتمل أي تأخير في التوضيح أو التحقيق:
- انتهاك قانون المعطيات الشخصية (09-08) عبر تكليف عمال المناولة بمهام إدارية حساسة (APOGEE و TASJILI).
- التضييق الإداري الممنهج ضد النقابيين وسحب المهام وتقييدها.
- مزاعم حول اعتراف الكاتب العام بتسجيل المكالمات، وهو خرق صريح للفصل 447-1 من القانون الجنائي.
إن غياب الرد الرسمي لا يؤكد فحسب الرواية النقابية عن التوتر والاحتقان، بل يمثل أيضاً إجهازاً غير مقبول على حق الصحافة في المعلومة وهو حق يكفله الدستور لضمان الشفافية والمساءلة في المؤسسات العمومية، إن لعبة “البريد الخاطئ” و”الكاتبة الجديدة” التي مارستها إدارة الجامعة في وجه الصحافة، تحول الأزمة الإدارية إلى فضيحة أخلاقية تكشف عن نية مبيتة للهروب من مساءلة الرأي العام.
الكرة اليوم ليست في ملعب إدارة الكلية المنفردة بالتدبير، بل انتقلت إلى الجهة الوصية العليا، فاستمرار الصمت من رئيس الجامعة عز الدين عازم يعني بالضرورة تحميل المسؤولية لـ عزالدين الميداوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار فمنذ صدور البيان الاستنكاري الأول في 3 أكتوبر 2025، لم يصدر عن الوزارة أي إشارة لفتح تحقيق إداري أو إرسال لجنة تفتيش للوقوف على “الاختلالات الخطيرة” التي تعيشها الكلية.
إن واجب الوزارة لا يتوقف عند تنزيل المخططات البيداغوجية، بل يمتد ليشمل حماية كرامة الموظف العمومي وضمان سلامة بيئة العمل الجامعي من الشطط في استعمال السلطة، إن بقاء العميد محمد يعو ومسؤولي الإدارة في مواقعهم دون مساءلة، في ظل هذه الاتهامات الجسيمة، يُرسل رسالة سلبية عن تسامح الوزارة مع التسلط الإداري ورفض الحوار الاجتماعي.
لقد حان الوقت لكي يكسر الوزير الميداوي هذا الجمود ويُفعل صلاحياته للتدخل بشكل عاجل وحازم، لفتح تحقيق معمق ومحاسبة المتورطين، وضمان عودة الحوار الاجتماعي كسبيل وحيد لإعادة الانضباط لكلية الآداب بالجديدة ففي غياب المحاسبة والشفافية، تظل كرامة الموظف وحرية العمل النقابي في خطر، وتتحول المؤسسة العمومية إلى مرتع لـ “العشوائية الرعناء”.
إن هذا التعاطي المؤسساتي يكشف عن اختلال هيكلي في التواصل والحكامة، ويتنافى بشكل صارخ مع مبادئ الخدمة العمومية والحق في المعلومة، إن استمرار هذا النهج يعمق الأزمة، ويهدد بتصاعد النضال، كما حذرت الكدش التي أكدت أن كرامة الموظف “خط أحمر”.
المطلوب اليوم ليس مجرد “مراجعة البريد”، بل تدخل عاجل وفوري للتحقيق في كل النقاط المذكورة بالبيانات النقابية وطلب التوضيح الصحفي، يجب تفعيل آليات المحاسبة، وضمان احترام الحريات النقابية وإعادة الاعتبار للموظف الجامعي، ووضع حد لـ “سياسات التدبير غير الرشيدة” التي حولت فضاء العلم والمعرفة إلى بؤرة للتوتر والإحتقان إن استمرار هذا التراخي سيؤكد أن المؤسسات العمومية تتحرك على هواها وأن الحق في المعلومة والحكامة الجيدة مجرد شعارات خاوية.






تعليقات
0