أش واقع تيفي / هشام شوراق
الرباط – في زمن تتنافس فيه الدول لجذب كبرى الإنتاجات السينمائية، تبرز المنتجة المغربية خديجة العلمي كقوة دافعة، ليس فقط كمنفذة إنتاج محترفة، بل كأيقونة تكرس جهودها لترسيخ مكانة المغرب كوجهة سينمائية عالمية، متجاوزة حدود العمل التجاري البحت.
العالمي، التي أسست بصمتها الخاصة عبر شركة “ك فيلمز” (K Films) و”استوديو الواحة” (Oasis Studios) في ورزازات، لم تقم بتنفيذ الإنتاج لأكثر من 50 عملاً دولياً ضخماً فحسب، بما في ذلك أفلام ومسلسلات عالمية مثل “كابتن فيليبس” و”أرض الوطن” (Homeland)، بل اتخذت من كل مشروع منصة للترويج لصورة المغرب وثقافته وتنوعه الجغرافي.
المنتجة الدبلوماسية.. صورة المغرب أولاً
على عكس بعض المنتجين الذين قد تركز أولوياتهم على العائد المالي والاستفادة من الدعم العمومي لتمويل مشاريعهم، تتبنى خديجة العلمي مقاربة تستشرف الأفق الأبعد، فهي تعمل بمنطق “السفير” الذي يروّج لبلده في الأوساط السينمائية الدولية، تحديداً في هوليوود، حيث تُعتبر أول امرأة مغربية تنضم إلى أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (AMPAS) المانحة لجوائز الأوسكار.
ويشهد لها الوسط الفني بكونها تضع الإمكانيات المغربية في صدارة اهتماماتها عند التعامل مع المشاريع العالمية، معرّفة صناع القرار الأجانب ببراعة الفرق المغربية وكفاءتها وقد صرحت في عدة مناسبات: “أنا فخورة جداً بكوني مغربية… ومن الطبيعي بالنسبة لي عندما أكون خارج الوطن أن أتحدث عن روعة المغرب وأقوم بالترويج له” هذا التفاني في الترويج يعكس التزاماً أخلاقياً ومهنياً يتجاوز مجرد كسب الأرباح.
تحدي النموذج الاقتصادي التقليدي
في سياق الجدل الدائر حول طريقة توزيع واستثمار الدعم العمومي المخصص للإنتاج السينمائي، الذي يستفيد منه منتجون يفتقرون إلى بصمتها العالمية ومهنيتها في التنفيذ، تشكل خديجة العلمي نموذجاً لكيفية توظيف الخبرة والكفاءة لتحقيق إشعاع دولي حقيقي.
ففي الوقت الذي قد يُتّهم فيه البعض بالحصول على أموال طائلة من الدعم دون تحقيق قيمة مضافة حقيقية أو استقطاب مشاريع تضع المغرب على خارطة السينما العالمية، تواصل العلمي العمل على بناء جسور فنية متينة وتطوير البنية التحتية السينمائية (مثل استوديو الواحة)، مما يضمن استدامة الصناعة وتوفير فرص عمل للمهنيين المغاربة وهو ما يمثل الاستثمار الأعمق والأكثر جدوى للمال العام في نهاية المطاف.
خديجة العلمي ليست مجرد منتجة إنها صانعة معجزات لوجستية وسفيرة غير رسمية نجحت في تحويل ورزازات إلى استوديو عالمي مفتوح، مؤكدة أن النجاح الحقيقي في هذا المجال هو ذلك الذي يرفع من قيمة الوطن ويساهم في إشعاعه الثقافي والاقتصادي، متفوقة بوضوح على من يقيس النجاح بحجم المبالغ المالية المحصلة.
تعليقات
0