إذا كانت الصورة الفوتوغرافية في بعدها الفني والجمالي انطلاقا من العدة التي هي المصورة في تطورها التقني لا يمكن فصلها عن الفوتوغرافي الإنسان المبدع، الموثق، المؤرخ، الأكاديمي وبصريح العبارة الإنسان العادي الذي استعان حسب إمكانياته بالمصورة لتوثيق لحظات الأفراح والأقراح في مسيرة حياته وحياة المحيطين به، هذا الفوتوغرافي في صيرورته الفنية والتقنية كابد الأمرين ما بين المصورة وإكراهاتها المادية والفنية وبين اللمسات التقنية واستخراج الصورة في حلتها النهائية، جلسات فوتوغرافية هي جلسات من الفوتوغرافي إلى الفوتوغرافي من العدسة إلى روادها الذين يسعون إلى ترويض مصوراتهم لإنتاج وسائط فوتوغرافية قد تكون أدوات بيداغوجية يستعان بها لتلقين فن التصوير والصورة .
الموعد مساء السبت 13 ماي 2017 كان بدار الحي السلام بأكادير مع الفوتوغرافي رائد من رواد اللقطة الجميلة الرحالة سعيد أوبراييم ، اللقاء الذي حضره مجموعة من عشاق الضوء واستمتعوا بسفر مجاني إلى عوالم هذا المجال من جبال الأطلس مرورا بمغامرات غينيا إلى أعلى قمم جبال التبت.
خلال هذه الجلسة أكد الأستاذ سعيد أبراييم على حبه وعشقه لهذا الفن الذي يرتبط به كثيرا كإنسان عادي كموظف عادي كفنان عادي .
وفي جواب عن سؤال انتمائه لجمعيات أجنبية ، أجاب أنه جاء بعد استكماله لتجول والسفر الدائم لجل ربوع الوطن وأن انفتاحه على أوربا جاء متأخرا إلى حدود سنة 2008 .وأن اعتراف المنظمة الأمريكية للتصوير الفوتوغرافي بتميزه جاء نتيجة استكمال مجموعة من الشروط ،(تبقى الإشارة الى أن سعيد أوبرايم – الأستاذ السابق لعلوم الحياة و الأرض – حاز على امتياز فنان بالفيديرالية الدولية للتصوير الفوتوغرافي منذ 2014 بعد استجابته لشروط صارمة) معربا عن أسفه عن واقع التصوير بالمغرب وأمله في تأسيس فيدرالية للصورة بالمغرب كما جاء في نداء أكادير لتأسيس الفيدرالية المغربية للتصوير الفوتوغرافي.
وعن سر ارتباط أعماله بمجال الجنوب المغربي فيعود إلى الضوء الذي يميز منطقة الجنوب وسوس، عن مناطق عديدة بالعالم. هذا ويرجع فضل دخول الأستاذ سعيد أوبراييم عالم الفوتوغرافيا إلى مرحلة الدراسة بتوجيه من أستاذه الفرنسي “مونتاغو” الذي كان يرافقه في سفره ورحلاته لجنوب المغرب حيث تولد لديه الارتباط بالصورة، يؤكد الفنان سعيد أوبراييم أنه لا بد من حب الصورة ليكون هناك إحساس و أن للتقنية دور أساسي في الفوتوغرافيا ولكن عشق التصوير مهم..
كما أكد في معرض حديثه على ضرورة القراءة والتسلح بالمعرفة في مجال الثقافة الفوتوغرافية والممارسة على التربية البصرية.
” كأس شاي في التيبت ” كان عنوان معرض صور رحلته الأخيرة لهذه المنطقة والتي جاءت عن طريق الصدفة من خلال تتبع برنامج وثائقي يعرض صور هذا البلد التي اعتقد في البداية الفنان سعيد أوبراييم أنها لمنطقة إيميلشيل ، وبعد سنتين من الإستعداد لخوض هذه المغامرة يقول الفنان أوبراييم أنه عاش تجربة الاغتراب بشكل معكوس بفعل ذلك التطابق .. لأنه في العمق، ذهب لأكتشف الاختلافات بين الثقافات والبشر وانتهيت في آخر المطاف إلى اكتشاف نقاط التشابه معلقا :” أنا لم أسافر لأشاهد التبت وإنما أحسست بالتبت”.
ويحكي كيف كان عليه أن يستقل القطار ليصل إلى عاصمة التبت قطار مجهز بأقنعة للأكسيجين ظل يخترق الهضاب والجبال المكللة بالثلوج لمدة 49 ساعة، قبل أن يصل إلى منابع أكبر الأنهار بآسيا.
لكن ما الداعي لكل هذا الجهد وكل هذا الإصرار؟ “من الصعب أن أشرح لماذا أرغب بالسفر والترحال، فأنا لم أشاهد التبت بل أحسسته، وسأظل أحفظ في ذاكرتي تلك اللحظات الهاربة التي أود الاستمتاع بها واستعادتها حينما أعود إلى بيتي بأكادير”، استغرقت الرحلة 45 يوما وكانت حصيلتها 12 ألف صورة جلها يتمحور حول تيمة :الديانات ما بين العمل على توثيق حياة المسلمين بالصين والبوذيين بالتبت والهندوس بالهند.
وبعد عرض شريط لمجموعة من الصور لهذه الرحلة على إيقاع الموسيقى التي جعلت الحضور يسافر ويتعرف على حضارة هذا البلد مجانا، عرض الفنان سعيد أوبراييم لأول مرة مجموعة من الصور في رحلته.
جدير بالذكر أن سعيد أوبرايم سبق له أن أقام عددا من المعارض الفردية بالمغرب كما بالخارج، لاسيما في النرويج و ألمانيا و إسبانيا و فرنسا، فضلا عن مشاركته في معارض جماعية بكل من قطر و هونغ كونغ و سلوفينيا و البوسنة و الهند وإيران وتركيا.
كما أحرز عددا من الجوائز الوطنية والدولية، منها الميدالية الذهبية لمؤسسة ” آل ثاني للتصوير الفوتوغرافي” بقطر (2008) وجائزة كانون للصورة الفوتوغرافية (2012)، بالإضافة إلى مشاركته بالصور في عدد من الكتب والمؤلفات مثل “إيكودار: تراث أمازيغي” و “تافراوت: عناصر مكان” و “أجكال: تراث أمازيغي” وغيرها.
التعليقات مغلقة.