بالرغم من التهميش والإقصاء سهام المسفيوية تحافظ وتتشبت بفن العيطة
أش واقع تيفي / هشام شرق
يشكل فن العيطة واحداً من أهم الفنون النابعة من الثقافة الريفية، وأهم وسيلة فنيَّة استُخدمت لمقاومة الاحتلال الفرنسي، لكنه عانى عقوداً الإقصاء والاحتقار، باعتباره فنا نابعا من عمق الريف، الذي عانت ثقافته عموماً الإقصاء، في وقت كان يولى فيه الاهتمام إلى الفنون الحضريَّة فقط، إضافة إلى النظرة الدونيَّة التي ارتبطت بذلك الفن، التي كرست الصورة النمطيَّة لـ”الشيخات”، باعتبارهن مهمّشات دفعت بهن ظروفهن الاجتماعية إلى الخروج على الإطار الأخلاقي للمجتمع المغربي، بامتهان الدعارة واعتماد حياة المجون.
ويعود حسب الباحثين أصل كلمة “عيطة” في العاميَّة المغربيَّة إلى “العياط”، وتعني النداء والاستغاتة بصوت عالٍ، وبالتالي عندما يغني شيوخ فن العيطة كأنهم ينادون على أسلافهم من أجل مد يد العون إليهم والتبرُّك بهم، كما شكّل ذلك الفن إطاراً تعبيرياً عن الواقع القروي البسيط ومعاناته في بنيَّة جغرافيَّة تعاني الإقصاء وصعوبة العيش.
ولقد ظلّ فن “العيطة” حقبة زمنيَّة طويلة تراثاً شعرياً وموسيقياً شفوياً، ولم يولَ الاهتمام والتدوين إلا بدءاً من ثمانينيات القرن الـ20.
و يعتبر الكاتب المغربي حسن نجمي، من بين أهم الباحثين في هذا المجال، حيث ألف كتاب بعنوان “غناء العيطة الشعر الشفوي والموسيقى التقليديَّة في المغرب”، فاعتبر فن العيطة ك “ذلك النفس الساخن الصاعد من الدواخل، عبر الأصوات البشريَّة والإيقاعات والألحان الآسرة، هو الذي أسعف على ميلاد شعر شفوي ظل يخرج من الجراح الفرديَّة والجماعيَّة مثل النزف الدافئ، ويلتصق بذوات وبمصائر الفلاحين والمزارعين والرعاة، والقرويين عموماً، المنحدرين من ذاكرة عميقة ومن سلالات عربيَّة لها تاريخ بعيد، مهمل، مكبوت ومسكوت عنه”.
وحسب الناجمي فإن “شعر العيطة هو فجر الشعر العربي بالمغرب”، وذلك على الرغم من أن تاريخ الشعر في المغرب ما زال لم يُكتب حتى الآن بالمعنى الدقيق لتاريخ الآداب والفنون. كما أن ما كُتب منه جزئي، ولم يول الاهتمام إلا لبعض مكونات الفن المغربي القديم، مهملاً مكونات أخرى، إمَّا شفويَّة وإمَّا مكتوبة بغير اللغة العربيَّة الفصحى.
وتعد الفنانة المغربية جوهرة العيطة سهام المسفيوية، من بين المحافظين على هذا الفن القديم، حيث أوضحت في حديثها مع “موقع أش واقع تيفي”، أنها أسست مجموعتها سنة 2016، على يد شيخها، لتشارك في العديد من المهرجانات، كمهرجان العيطة بمدينة أسفي، ومهرجان مولاي عبد الله، بالإضافة إلى حضورها المتميز في العديد من الحفلات تم بثها على القنوات التلفزية، منها قناة الأولى.
وبخصوص التهميش والإقصاء الذي يعاني منه القطاع، قالت المسفيوية، انها عملت على بذل مجهودات كبيرة للحفاظ على التراث المتميز، خصوصا وأن الشباب ابتعد عن فن العيطة، من خلال الثورة شبابية التي شهدها القطاع الفني بالمغرب حاليا، لذا فهي تصر على ضرورة التشبت بهذا الفن للحفاظ عليه.
وبهذه المناسبة، ناشدت المتحدثة في تصريح صحفي للموقع، وزارة الثقافة لمد يد المساعدة للشباب الذين يعملون على البحث في التراث المغربي المرتبط بالعيطة خصوصا، قصد التصدي للعراقيل التي تقف حائلا أمامهم لبلوغ ذلك.
التعليقات مغلقة.