آش واقع
أدى الاقتراع الثلاثي للثامن من شتنبر الماضي إلى إعادة هيكلة المشهد السياسي للعاصمة الاقتصادية مع ائتلاف جديد انكب بسرعة على العمل، في ظل وجود مجموعة من التحديات الصعبة.
وجاء هذا المشهد السياسي الجديد والتغيير في ميزان القوى في الدار البيضاء نتيجة للانتخابات الجماعية والجهوية والتشريعية، التي عرفت فوز حزب التجمع الوطني للأحرار وهيمنته على الخارطة الانتخابية لكبرى حواضر المملكة أمام تراجع حزب العدالة والتنمية.
وتصدر التجمع الوطني للأحرار نتائج انتخابات أعضاء مجلس جهة الدار البيضاء – سطات، بعد أن حصد 27 مقعدا من مجموع مقاعد مجلس الجهة، البالغ عددها 75 مقعدا. وهكذا تمكنت أحزاب التجمع الوطني للأحرار، الأصالة والمعاصرة، والاستقلال من الحصول عل 64 مقعدا في المجموع، مما مكنها من قيادة الجهة خلال هذه الولاية.
كما تصدر حزب الحمامة نتائج انتخابات أعضاء مجلس جماعة الدار البيضاء، وذلك بحصوله على 41 مقعدا من مجموع مقاعد المجلس البالغ عددها 131 مقعدا، يليه حزب الأصالة والمعاصرة (26 مقعدا)، ثم حزب الاستقلال (23 مقعدا)، مما مكن هذا الائتلاف من الحصول على أغلبية مريحة من 90 صوتا على 131.
وتمكنت هذه الانتخابات بشكل عام من الانخراط في دينامية إيجابية بفضل المشاركة اللافتة للمرأة، مما شكل نقلة نوعية في إدارة الشأن المحلي .
ومن الأمثلة الحية على اختراق النساء للمجال السياسي المحلي، نذكر انتخاب السيدة نبيلة الرميلي من حزب الأحرار، عمدة للدار البيضاء( رئيسة مجلس جماعة الدار البيضاء) ، بفضل التحالف الثلاثي (الأحرار-الاستقلال-الأصالة والمعاصرة) ، الذي سمح لها بالحصول على 105 صوتا من أصل 130. ومع هذا الانتخاب، تدخل الدار البيضاء في حقبة جديدة ما بعد العدالة والتنمية. وكانت انتخاب السيدة الرميلي حدثا غير مسبوقا، لأنه، ولأول مرة، ستسير امرأة أكبر حاضرة في المملكة .
وتجد العمدة الجديدة، وهي مديرة جهوية سابقة للصحة بالدار البيضاء-سطات، مشهدا سياسيا مألوفا، حيث سبق لها وأن شغلت منصب نائبة الرئيس في مجلس المدينة.
وقد أفضى هذا التصويت إلى بروز نخب جديدة ورثت ملفات شائكة مع تحدي متمثل في تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع والأوراش الجارية في هذه الحاضرة المترامية الأطراف، واللحاق بالتأخير في إنجاز بعض المشاريع وإزالة الغبار عن تلك التي لم تسجل أي تقدم ملحوظ، بالإضافة إلى التحديات المتعلقة بجائحة كوفيد-19 وتداعياته السوسيو-اقتصادية.
وفي هذا السياق، قالت الأستاذة الباحثة في كلية القانون التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، حسنة كجي، إنه “نظرا لكونها القلب الاقتصادي النابض للمملكة، فإن الدار البيضاء، المدينة ذات التوجه الصناعي وكذلك السياحي، تواجه تحديات كبيرة، سواء مشاكل المرور والنقل، أو النظافة، الوعاء العقاري، المساحات الخضراء، السكن والتأهيل الحضري، فإن المدينة لديها الكثير لتفعله لرفع هذه التحديات”.
وأبرزت رئيسة شعبة القانون العام بالكلية ذاتها، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، ضرورة الاهتمام بالعدالة المجالية والاستثمارات لصالح الأحياء الهامشية، مشيرة إلى إشكالية ازدحام الطرق، وهي محنة حقيقية للبيضاويين.
وأشارت السيدة كجي إلى أنه من بين التحديات التي تنتظر الهيئات المنتخبة الجديدة نجد المباني الآيلة للسقوط، بالإضافة إلى مشكل تدبير النفايات .
وأضافت أن جاذبية المدينة تعتمد أيضا على تطور الثقافة، مسجلة أن الهدف المتوخى هو الاستجابة لتطلعات المواطن البيضاوي الذي يحتاج إلى تغيير ملموس من شأنه تحسين ظروف حياته اليومية.
يذكر أن مشروع ميزانية السنة المالية 2022، الذي صادق عليه مجلس مدينة الدار البيضاء في نونبر الماضي، خصص بشكل أساسي لمواجهة التحديات التي تواجه العاصمة الاقتصادية، لاسيما حركة المرور والنقل والصحة . ويتمثل الرهان في رفع التحديات المطروحة من أجل إرساء حكامة ترابية ناجعة، وترشيد التدبير المالي للجماعة، وتعبئة الموارد اللازمة، مع مراعاة انتظارات المواطنين على جميع المستويات .
ويتعلق الأمر بتسريع وتيرة المشاريع الكبرى التي تم إطلاقها في المدينة، لا سيما تلك المدرجة في برنامج التنقل الحضري. وتهم أكبر المشاريع إنشاء خطوط جديدة للترامواي وحافلات ذات مستوى عالي من الخدمة (BHNS). وفي نهاية المطاف، سيتم تجهيز شبكة النقل العمومي بأربعة خطوط للترامواي وخطين للحافلات (BHNS).
ويهدف برنامج التطوير الاستراتيجي للدار البيضاء إلى تحسين ظروف حياة السكان، وتعزيز التنقل في الجهة وجاذبيتها الاقتصادية، مع تحسين مناخ الأعمال من أجل إحداث قطب إشعاع على المستوى الوطني والقاري والدولي.
وفي إطار المشاريع الكبرى التي تشهدها الدار البيضاء للحفاظ على هويتها وجاذبيتها، أعلنت العمدة، مؤخرا، عن مبادرة لإعادة العاصمة الاقتصادية لرونقها الأصيل، حيث سيتم إطلاق حملة لطلاء 1400 مبنى باللون الأبيض وإعادتها إلى مجدها السابق. وكتبت نبيلة الرميلي على حسابها (توتير) أن هذه الحملة التي ستهم 1400 بناية تروم تعزيز جاذبية المدينة، داعية البيضاويين إلى التعبئة من أجل إنجاح هذه العملية.
التعليقات مغلقة.