آش واقع تيفي
أكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، اليوم الثلاثاء بجنيف، أن حماية حقوق الإنسان والنهوض بها خيار ثابت ولا رجعة فيه للمملكة المغربية، يجسده مسار تقوية انخراط المملكة في المنظومة الأممية لحقوق الإنسان.
وفي كلمته خلال الحوار التفاعلي الذي جرى بقصر الأمم المتحدة، بمناسبة فحص التقرير الوطني برسم الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل، أوضح الوزير أن الفترة المشمولة بالتقرير الوطني (2017-2022) عرفت تقوية انخراط المملكة المغربية في المنظومة الأممية، حيث واصلت انضمامها للبرتوكولات الاختيارية للاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، آخرها إيداع وثائق الانضمام إلى كل من البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
وعلى مستوى التفاعل مع هيئات المعاهدات، سجلت هذه الفترة، حسب رئيس الوفد المغربي، انتظاما في تقديم التقارير الدورية المتعلقة بتنفيذ الاتفاقيات الدولية، وانفتاحا على آلية الإجراءات الخاصة باستقبال المقررة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب سنة 2018، وعقد لقاءات عمل مع فريق العمل المعني بالاختفاء القسري في نفس السنة، ومع فريق العمل المعني بالاعتقال التعسفي خلال 2019، بالإضافة إلى زيارة وفد من خبراء اللجنة المعنية بالعمال المهاجرين في ماي 2022.
وبخصوص المقاربة المعتمدة في إعداد التقرير الوطني برسم هذا الاستعراض، أشار الوزير إلى الإشراك الواسع لمختلف الأطراف المعنية مركزيا وجهويا، حيث شمل المسار التشاوري في مرحلة أولى القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية والسلطة القضائية ليتواصل هذا المسار، على صعيد كل جهات المملكة، عبر تنظيم 12 لقاء تشاوريا، عرفت مشاركة الجماعات الترابية والمصالح الخارجية للقطاعات الحكومية والسلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وحوالي 634 جمعية مدنية.
وفي مضمون الممارسة الحقوقية، قال وهبي إن المملكة واصلت اتخاذ التدابير التشريعية والمؤسساتية تفعيلا للدستور وتنفيذا لالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان، حيث مكن اعتماد قانون جديد للمجلس الوطني لحقوق الإنسان من تقوية اختصاصات هذه المؤسسة الوطنية وتعزيز أدوارها الحمائية، بإحداث ثلاث آليات وطنية لديها، وهي الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والآلية الوطنية للتظلم الخاصة بالأطفال ضحايا الانتهاكات والآلية الوطنية الخاصة بحماية الأشخاص في وضعية إعاقة.
وعلاوة على ذلك، حظي ورش تعزيز سيادة القانون والعدالة بالأولوية ضمن الإصلاحات الهيكلية التي تنهجها المملكة، وفقا للدستور، حيث تتواصل جهود تدعيم استقلال السلطة القضائية، تفعيلا لميثاق إصلاح منظومة العدالة.
وفي إطار تدبير جائحة “كوفيد-19″، أبرز الوزير أنه، وبتوجيه وإشراف من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تميزت مقاربة المملكة المغربية بارتكازها على استراتيجية استباقية وشمولية تمحورت حول حماية الحقوق والحريات الأساسية، مع الاعتماد على الأبعاد الاجتماعية والتضامنية، وإيلاء الأهمية للفئات الهشة، فضلا عن سلوك نهج التضامن والتعاون على الصعيد الدولي، خاصة فيما يهم تأمين الولوج إلى اللقاح.
من جهة أخرى، واصل المغرب، يقول الوزير، جهوده لتعزيز الإطار القانوني والمؤسساتي الخاص بحماية حرية الرأي والتعبير من خلال اعتماد قانون يتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وتعزيز عمل المجلس الوطني للصحافة باعتباره هيئة للتقنين الذاتي لمهنة الصحافة، وعمل الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، باعتبارها مؤسسة دستورية مستقلة تتولى مراقبة احترام قواعد التعبير، في إطار تعدد التيارات والآراء الفكرية.
وفي مجال الوقاية من التعذيب، وفضلا عن القوانين التي تم اعتمادها والمشاريع المتعلقة بمراجعة المنظومة الجنائية، أكد السيد وهبي أن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لدى المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تضطلع بمهامها النوعية من خلال القيام بزيارة أماكن الحرمان من الحرية، مما يمكن من دعم عمل القضاء في التحري والمتابعة بخصوص الانتهاكات المحتملة في هذا الشأن.
وفي نفس السياق، تواصل المملكة المغربية جهودها الداعمة لتعميق النقاش العمومي حول عقوبة الإعدام، فبعد وقف تنفيذ هذه العقوبة في الممارسة لفترة تناهز ثلاثة عقود، تعزز التشريع الوطني بتقليص الجرائم المعاقب عليها بالإعدام، من خلال قانون القضاء العسكري الذي خفض عددها من 16 إلى 5 حالات.
وتؤكد المعطيات الميدانية النوعية المتعلقة بحريات التظاهر السلمي والاجتماع وتأسيس الجمعيات الزخم الهام الذي تعرفه ممارسة هذه الحريات، حسب الوزير، وذلك رغم تزامن الفترة المشمولة بالتقرير مع الجائحة وما فرضته من تدابير استثنائية.
وعلى صعيد آخر، أشار وزير العدل إلى أن المغرب حرص على الارتقاء بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والحقوق الفئوية، بما يكفل الإنصاف والمساواة ومساهمة الأفراد في التنمية ويحقق الاستدامة، وهو ما تعزز بمواصلة العديد من البرامج والاستراتيجيات الإصلاحية في مجالات التعليم والصحة والشغل والبيئة والثقافة.
وخلص إلى أن الأوراش الإصلاحية الرامية إلى جعل الإنسان في صلب التنمية تعززت باعتماد المملكة المغربية نموذجا تنمويا جديدا، ساهمت في إعداده كافة مكونات المجتمع ومؤسساته من خلال استشارات موسعة. كما يتم الانكباب على تفعيل برنامج توسيع التغطية الاجتماعية من أجل تعميمها على جميع المغاربة.
وعرف اللقاء الذي ترأسه رئيس مجلس حقوق الإنسان، فيديريكو فييغاس، بحضور السفير الممثل الدائم للمغرب بجنيف، عمر زنيبر، ووفد مغربي يمثل عدة قطاعات، تفاعلا واسعا وإيجابيا من قبل ممثلي معظم الدول الأعضاء التي أثنت على المكاسب التي حققتها المملكة في مجال حماية حقوق الإنسان بمختلف أوجهها.
والمغرب هو إحدى الدول التي سيتم استعراضها من قبل فريق عمل الاستعراض الدوري الشامل في دورته الحادية والأربعين التي تنعقد من 7 إلى 18 نونبر.
وقد تم إجراء الاستعراضات الدورية الشاملة الثلاثة السابقة للمغرب على التوالي في أبريل 2008 وماي 2012 وماي 2017.
التعليقات مغلقة.