الاحتجاجات في آيت بوكماز تثير غضب سكان إقليم أزيلال وتكشف عن فشل السياسات التنموية

أش واقع تيفي / هشام شوراق

في ظل التوتر الاجتماعي المتزايد في المناطق الجبلية بإقليم أزيلال خرجت ساكنة جماعة آيت بوكماز المعروفة بمؤهلاتها السياحية والطبيعية الغنية في احتجاج شعبي واسع النطاق صباح يوم الأربعاء 9 يوليوز 2025 جماهير غفيرة تجمعت في مركز الجماعة رافعة شعارات تندد بالتهميش المزمن الذي تعاني منه المنطقة ومطالبة بتحسين الشروط الأساسية للعيش، هذه الاحتجاجات تأتي بعد سلسلة من اللقاءات الفاشلة مع المسؤولين المحليين بما في ذلك رئيس السلطة بإقليم أزيلال حيث فشلت في إيجاد حلول عملية للمشكلات الملحة.

شهدت المنطقة التي تقع في أحضان جبال الأطلس المتوسط والكبير استنفارًا شعبيًا يعكس عمق الغضب الناتج عن الإهمال الحكومي، وفقًا للتقارير الميدانية انطلقت المسيرة الاحتجاجية السلمية باتجاه مقر ولاية جهة بني ملال-خنيفرة، حيث سار المئات من السكان على الأقدام للتعبير عن مطالبهم، كان المنظمون قد رفعوا لافتات واضحة تتضمن أبرز الطلبات مثل تعيين طبيب رئيسي بالمركز الصحي المحلي توسيع الطرق المؤدية إلى أزيلال لتسهيل التنقل وتوفير تغطية هاتفية شاملة للمنطقة، هذه المطالب ليست جديدة إذ تشكل جزءًا من سلسلة احتجاجات أوسع في الجهة حيث يعاني السكان من نقص البنية التحتية الأساسية رغم الإمكانيات الاقتصادية الهائلة للمنطقة خاصة في مجال السياحة الجبلية.

آيت بوكماز الموصوفة بـ”الهضبة السعيدة” بسبب جمالها الطبيعي وتنوعها البيئي تعد واحدة من أغنى الجماعات في إقليم أزيلال من حيث المؤهلات السياحية ومع ذلك يعاني سكانها من واقع تنموي متردي حيث تشير التقارير إلى أن المنطقة تواجه تحديات كبيرة مثل نقص الماء الشروب سوء حال الطرق الجبلية وغياب الخدمات الصحية والتعليمية المناسبة، قال أحد المنظمين للاحتجاج كما ورد في بيانات ميدانية: “حينما يتم التعامل مع قضايا الجبل بنظرة حزبية ضيقة وتصفية حسابات سياسية تكون النتيجة ما نراه اليوم، المطالب بسيطة ومشروعة ولا تحتمل التأجيل أو التسويف” هذا الغضب يعكس حالة من الإحباط الجماعي حيث أصبحت المنطقة رمزًا للتهميش في جهة بني ملال-خنيفرة رغم مساهمتها في التنمية الوطنية من خلال السياحة والزراعة.

في سياق أوسع تشكل هذه الاحتجاجات امتدادًا لموجة من الغضب الشعبي في المناطق الجبلية بأزيلال وبني ملال-خنيفرة، خلال الشهور الأخيرة شهدت الجهة عدة مسيرات احتجاجية مشابهة حيث يطالب السكان بتدخل عاجل من السلطات الجهوية والمركزية لمعالجة قضايا مثل نقص المياه ارتفاع الأسعار وتردي البنية التحتية، على سبيل المثال أفادت تقارير إعلامية بأن سكان مناطق أخرى في أزيلال مثل آيت بلال نظموا مسيرات مماثلة للمطالبة بتبسيط إجراءات الخدمات الأساسية، كما أن الجفاف الموسمي الذي أثر على الزراعة والتربية أعمق من معاناة السكان حيث أصبحت توفير متطلبات العيش صعوبة كبيرة، في هذا الإطار يُشار إلى أن الجهة بأكملها تشكل نحو 35.78% من مساحة جهة بني ملال-خنيفرة لكن الاستثمارات في المناطق الجبلية تبقى أقل مما يناسب حجم الاحتياجات.

من جانب آخر أكد المنظمون أن هذه الاحتجاجات ليست ضد الدولة بأكملها بل ضد الإهمال الإداري والتسيير غير الفعال، في بياناتهم أعربوا عن أملهم في أن تؤدي هذه المسيرة إلى حوار بناء مع السلطات خاصة في ظل الجهود الحكومية لتطوير السياحة في المناطق الجبلية، وفقًا للمعلومات المتوفرة تم وضع مخططات عمرانية للمناطق الجبلية لكن تنفيذها يبقى بطيئًا مما يفاقم الغضب الشعبي، السلطات الجهوية من جهتها لم تصدر حتى الآن تعليقًا رسميًا على هذه الاحتجاجات لكن الدعوات للتدخل العاجل تتواصل من قبل الفعاليات المحلية مطالبة بإدماج آيت بوكماز ضمن مشاريع التنمية الوطنية لاستغلال مكانتها كوجهة سياحية.

في الختام تعكس احتجاجات ساكنة آيت بوكماز حالة من الاستياء الواسع في المناطق الريفية والجبلية بالمغرب حيث يرى السكان أن التنمية غير متوازنة، هذه الحركة الاحتجاجية التي جاءت بعد فشل الحوارات السابقة قد تكون نقطة تحول إذا لم تتم معالجة المطالب بجدية خاصة في ظل التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه البلاد، السكان الذين لطالما عُرفوا بصبرهم يؤكدون الآن أن صوتهم لن يخمد إلا بتحقيق العدالة والتنمية المستدامة.