بين الإهمال والتواطؤ: كرامة المواطن تُدعس تحت عجلات شاحنات النفايات.. من يحاسب شركة النظافة؟

أش واقع تيفي / هشام شوراق

تتفاقم الأزمة البيئية والصحية في جماعة مولاي عبد الله أمغار بإقليم الجديدة، حيث تحولت الطريق الحيوية الرابطة بين طريق مراكش وطريق الفحص، والتي تمر بمحاذاة مطرح النفايات الإقليمي، إلى مصدر لمعاناة يومية لا تطاق لساكنة دواوير الهواوة وأولاد ساعد والدواوير المجاورة، هذه الطريق التي باتت شريان عبور للشاحنات المكلفة بتدبير القطاع، تحولت بفعل الإهمال وغياب الصيانة الدورية إلى بؤرة للتلوث، مهددة سلامة المواطنين وحقهم الدستوري في بيئة نظيفة.

إن المشهد اليومي على هذه الطريق يعكس صورة قاتمة للإهمال المؤسساتي، فانتشار الغبار الكثيف والخانق الناتج عن حركة الشاحنات الثقيلة يغطي سماء الدواوير، يخترق جدران المنازل ويستقر على ملابس وأثاث السكان، مما يتسبب في أمراض تنفسية وجلدية، خاصة بين الأطفال والرضع، الذين يواجهون خطر الاختناق اليومي هذا الغبار، إضافة إلى الروائح الكريهة المنبعثة من المطرح وعصارة النفايات المتسربة من الشاحنات، يحوّل حياة المواطنين إلى جحيم بيئي وصحي.

المسؤولية عن هذا الوضع الكارثي تقع بشكل مباشر على عاتق الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة والمطرح والتي تتجاهل أبسط الإجراءات الوقائية وفي مقدمتها سقي الطريق بالماء بانتظام لترطيب الغبار والحد من تطايره وهو إجراء ضروري كان من المفترض أن يكون جزءاً لا يتجزأ من التزاماتها التعاقدية والأخلاقية إن عدم احترام معايير السرعة المحددة من قبل شاحنات الشركة يزيد من حدة المشكلة ويعرض حياة الأطفال والساكنة المجاورة لخطر حوادث السير.

في هذا السياق، نوجه رسالة واضحة ومباشرة إلى الشركة المفوض لها، داعين إياها إلى مراجعة شاملة لأسلوب تدبيرها وتفادي كل ما يمس بسلامة وصحة المواطنين فـ”شركة النظافة تدعس كرامة المواطن ولا تبالي”، هذا هو لسان حال الأهالي الذين يرون في تقاعسها وعدم تطبيقها الصارم لدفتر التحملات تصرفاً يتجاوز مجرد الإخلال التعاقدي ليصل إلى حد انتهاك حرمة منازلهم وحياتهم الخاصة.

كما نلفت انتباه رئيس قسم البيئة والمكلف بهذه الصفقة بجماعة الجديدة، بصفته الضامن لتطبيق دفتر التحملات، إلى أن صمته وتغاضيه عن الإخلال بشروط العقد يعتبر تواطؤاً غير مباشر في تدهور الوضع البيئي والصحي للساكنة إن دور الجماعة ليس فقط تفويض التدبير، بل المراقبة الصارمة والمساءلة الفورية للشركة المتقاعسة، ضماناً لتنفيذ التزاماتها وصوناً للمال العام ولحقوق المواطنين.

إن استمرار هذا الإهمال يهدد بتأجيج حالة من الاحتقان الشعبي المشروع، فالساكنة باتت ترى في صمت المسؤولين تجاهلاً لمطالبها العادلة والمشروعة، التي لا تتعدى حقها في العيش الكريم في بيئة صحية وآمنة، إن وقفاتهم الاحتجاجية السابقة والمستمرة هي ناقوس خطر يجب أن يستمع إليه المسؤولون بكل جدية.

المطالب واضحة: يجب تفعيل الإجراءات الوقائية فوراً، مع الالتزام الصارم بسقي الطريق بالماء مرتين على الأقل يومياً، والتشديد على صيانة الشاحنات لضمان عدم تسرب عصارة النفايات الخطيرة (الليكسيفيا) التي تلوث الأراضي والمياه وتزيد من الروائح النتنة، خاصة وأن الإهمال الحالي ينم عن عدم اكتراث مطلق بـ “احترام حرمة المنازل” المجاورة التي تحولت إلى خزان للأوبئة.

باختصار، إن مطالب ساكنة مولاي عبد الله أمغار ليست ترفاً، بل هي ضرورة قصوى لوقف تدهور بيئي يهدد الأجيال، ننتظر تحركاً فورياً ومسؤولاً يضع مصلحة وصحة المواطنين فوق كل اعتبار، ويؤكد أن كرامة المواطن وحقه في بيئة سليمة هي أولى أولويات المسؤولين محلياً ووطنياً.