بعد صرف الدعم الحكومي.. زيادات “صاروخية” في الأعلاف تلتهم الدعم وتهدد “قطيع الأبقار المغربية” بالانقراض

خلية التحرير الجمعة 14 نوفمبر 2025 - 13:50

أش واقع تيفي / هشام شوراق 

في تطور صادم يهدد الأمن الغذائي الوطني واستدامة قطاع تربية الأبقار، وجه “شناقة” الأعلاف صفعة قوية لمربي المواشي بفرض زيادات غير مسبوقة تجاوزت 50 في المائة على الصعيد الوطني بداية الأسبوع الماضي، هذه الزيادة الجنونية التي جاءت بمبرر ارتفاع الطلب بعد صرف الدعم الحكومي لمربي الأغنام، فجّرت احتقاناً كبيراً في صفوف الفلاحين الصغار والمتوسطين، الذين يجدون أنفسهم اليوم مهددين بالاعتقال بسبب عجزهم عن تغطية شيكات الضمان الممنوحة لشركات الأعلاف.

وُجّهت أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى الشركات الكبرى لإنتاج الأعلاف والمضاربين، حيث وصف المتضررون هذه الزيادات بغير القانونية والمنطقية، مؤكدين أنها تخدم مصالح الربح السريع على حساب قطاع حساس يعاني الأزمات منذ سنوات، ويزداد الوضع تعقيداً بعد استثناء قطاع تربية الأبقار من دعم الدولة، في الوقت الذي استفاد منه قطاع تربية الأغنام، ما خلق فجوة استغلها المضاربون ببراعة لرفع الأسعار دون رقيب.

الزيادات المفاجئة طالت بشكل خاص علف “الشمندر” الذي قفز سعره من 120 درهماً إلى 185 درهماً للكيس سعة 50 كيلوغراماً، وارتفع ثمن “الشعير” من 110 دراهم إلى 155 درهماً للكيس، بزيادة بلغت 45 درهماً، كما شهد سعر “النخالة” زيادة تقدر بـ 40 درهماً وقدم “الشناقة” تبريرات واهية مفادها أن الارتفاع يعود إلى التهافت غير المتوقع على الأعلاف بمجرد توصل مربي الأغنام بأموال الدعم الحكومي.

وفي سياق ردود الفعل الغاضبة، فوجئ مربو الأبقار الحلوب بهذه الزيادات “الصادمة”، مؤكدين أن الارتفاع جاء نتيجة استغلال فاضح للدعم الحكومي الهزيل الذي خُصص لمربي الأغنام واستثنى قطاعهم، وأشاروا إلى أن ما يُعرف بـ “شناقة الأعلاف” وجدوا في غياب الدعم عن مربي الأبقار فرصة سانحة لتحقيق الربح الجنوني، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق دون أي تدخل أو مراقبة فعلية من طرف الحكومة، التي تركت السوق فريسة للمضاربين.

وفي خضم هذه الأزمة، يجد الفلاح الصغير والمتوسط نفسه متروكاً لمصيره، فريسة سهلة بين أنياب المضاربين و”الشناقة” الذين امتصوا دماءه حتى آخر قطرة، مستغلين غياب الدعم والرقابة، ففي مؤشر خطير يكشف عن غياب العدالة الاقتصادية، بات ثلثا الفلاحين مهدداً اليوم بالاعتقال والسجن بسبب عجزهم عن تغطية شيكات الضمان الموقعة لصالح شركات الأعلاف الكبرى، في حين تكتفي وزارة الفلاحة بالصمت المريب، وكأن الأمر لا يعنيها، متجاهلة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية الكارثية لهذه الأزمة على صغار المربين وعلى استدامة القطاع الفلاحي برمته.

التداعيات لا تتوقف عند الزيادة في الأسعار، بل تتجاوزها إلى التهديد بـ “انقراض” القطيع المحلي للأبقار، فبعد عمليات الإحصاء ووضع الأختام وغيرها من الإجراءات التي أوحت لمربي الأبقار بأنهم سيستفيدون من دعم مالي مهم، فوجئوا بأن الدعم خُصص لمربي الأغنام فقط، مما دفع العديد من المربين إلى عرض أبقارهم للبيع للجزارين بأسعار زهيدة لتفادي الخسارة، في ضربة موجعة للثروة الحيوانية الوطنية.

رغم صرف الملايير من أجل دعم قطاع المواشي، يبقى السؤال معلقاً: ما الفائدة من هذا الدعم إذا كان “الشناقة” يفرضون وجودهم ويحولون الدعم إلى جيوبهم الخاصة؟ وكييف يمكن تفسير أن الدعم الحكومي لم ينتج سوى ارتفاعاً جنونياً في أسعار الأعلاف، مما يهدد بدوره بزيادة وشيكة في أسعار اللحوم الحمراء للمستهلك النهائي؟

المطلوب اليوم هو وقفة حازمة ومساءلة شفافة، أين المراقبة من وزارة الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري؟ ومن هم “الشناقة” الذين استفادوا فعلياً من هذا الدعم؟ إن استمرار الوزارة في الصمت وعدم تتبع آليات الدعم ومراقبة السوق، يضعها في قفص الاتهام كشريك غير مباشر في هذه الأزمة التي تضرب صميم الأمن الغذائي والاجتماعي للفلاحين والمستهلكين على حد سواء.

تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على Google News تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 14 نوفمبر 2025 - 13:03

مكة الطبية تسلط الضوء على أحدث علاجات السكتة الدماغية وتدعو للتدخل السريع

الجمعة 14 نوفمبر 2025 - 12:52

تأسيس مكتب وطني جديد لنقابة المقاهي والمطاعم بالدار البيضاء الكبرى تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل

الثلاثاء 11 نوفمبر 2025 - 17:55

اختفاء غامض لمسلك ‘إجازة التميز’ بجامعة الجديدة يهدد مستقبل الطلبة ويثير غضبًا واسعًا

السبت 8 نوفمبر 2025 - 14:13

“كوسومار” بين الأداء الاقتصادي وشكاوى “القتل البطيء” لسكان سيدي بنور