أش واقع تيفي / أولاد فرج – الجديدة
في سابقة تُثير الاستياء العميق وتضرب في الصميم مبدأ المسؤولية السياسية، فجّر البرلماني رفيق ناصر، نائب رئيس جماعة الجديدة والمكلف بملف الأشغال الكبرى، غضباً شعبياً عارماً بتفضيله المنازلة السياسية الهامشية على حساب الواجب التواصلي تجاه من أوصلوه إلى سدة القرار، وبينما تتشبث ساكنة الجديدة بخيوط أمل واهية لتطوير شبكة شوارعها وإصلاح بنيتها التحتية المتهالكة، آثر “نائب الأشغال” التواري عن الأنظار والتزمت بالصمت إزاء التساؤلات الملحة حول التأخر الفاضح وسوء التنفيذ الذي يعتري المشاريع، وعلى رأسها شارع جبران خليل جبران الذي تحولت أشغاله إلى فضيحة تنفيذية بامتياز.
هذا السلوك المُريب والتهرب المُتعمَّد من قبل المسؤول الأول عن الأشغال، لم يجد تفسيراً له سوى في بلاغ رسمي مُفاجئ صدر عن “ناصر”، لم يكن موجهاً للساكنة لتقديم التوضيحات حول مصير مشاريعها المتوقفة، بل كان قذيفة إعلامية صوب خصمه السياسي عثمان الطرمونية، هذا التجاوب الانتقائي يُرسخ قناعة مدمرة لدى الناخب الجديدي، مفادها أن المنتخبين يضعون أجندة الخصوم في مقدمة أولوياتهم، بينما تُترك صرخات من صوتوا لهم حبيسة الإهمال والتجاهل الرسمي.
الأسئلة الوجودية المتعلقة بـ “المأساة الحضرية” التي تعيشها الجديدة باتت معلقة في فضاء العجز، لا تجد صدى لها عند من يفترض بهم الإجابة، فالساكنة تتساءل بغضب عن سبب “تحول المدينة إلى خراب” منذ تولي هذا الفريق المسؤولية، وعن سر “توقف المشاريع” التي كانت تَعِدُ بالإقلاع ومن بينها المحطة الطرقية المكتملة والمغلقة لسنوات، وسوق الجملة للخضر والفواكه المنجز منذ مدة والذي لم يُفتح لحد الساعة، والعديد من المشاريع الأخرى، وتتساءل الساكنة أيضاً عن “استمرار بطالة الشباب” رغم وجود منطقتين صناعيتين عملاقتين، هذه التساؤلات الجوهرية تُقابل بجدار صمت مُكثف وبتبريرات واهية لا ترقى لحجم المأساة، ما يؤكد أن “التواصل المباشر والشراكة الحقيقية” مع المواطن هي الحلقة الأضعف في منظومة التدبير المحلي.
إن الانشغال بالمناكفات السياسية الباردة وإصدار البيانات الجاهزة للرد على خصم سياسي بدل الخروج إلى الميدان والاستماع إلى نبض الشارع، يُعتبر طعنة نجلاء في ظهر الالتزام الديمقراطي، المواطنون يصرخون مُطالبين بمواجهة ميدانية: “هل ما قاله الطرمونية أهم من مصير المدينة؟ ولماذا لا نرى المسؤولين يتشاورون مع الساكنة ويشاركونها أحزانها وهمومها، عوض الاختباء وراء بلاغات المكاتب المكيفة؟” هذا التساؤل الجارح يُلخص مأزقاً حقيقياً يكشف أن المنصب أصبح هو الهدف، فيما خدمة المواطن مجرد شعار أجوف يُرفع في فترات الحملات الانتخابية.
أخيراً وليس آخراً، يسجل فريق التحرير لجريدة “أش واقع تيفي” استنكاراً مهنياً لتكريس هذا التعتيم الممنهج، ففي إطار التحقيق الصحفي والتحقق من صحة الأخبار المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قمنا بالاتصال مراراً وتكراراً بالمعني بالأمر (رفيق ناصر) للحصول على رده، لكن الهاتف ظل يرن دون أي جواب، ولم يتوقف الأمر عند حدود الاتصال الهاتفي، بل امتد إلى التوجه للمكتب حيث وجدناه مغلقاً وبدون صاحبه، هذا التملص الصارخ من المسؤولية التواصيلية يُرسخ انطباعاً مقلقاً، إذا كان المنتخب يتهرب من الرد على وسائل الإعلام التي تسعى لنقل الحقيقة، فكيف يُتوقع منه التفاعل والاستجابة لشكاوى المواطن العادي الذي منحه صوته؟






تعليقات
0