أش واقع تيفي / هشام شوراق
يطرح الرأي العام المغربي اليوم سؤالاً حارقاً لا يجد له جواباً في دهاليز رئاسة الحكومة: لماذا يتأخر عزيز أخنوش في إعلان مدينة آسفي “منطقة منكوبة”؟ رغم أن كل المؤشرات على الأرض، وحجم الدمار الذي خلفته الفيضانات الكارثية، تؤكد أن المدينة استوفت كافة الشروط القانونية والواقعية للاستفادة من هذا الوضع، الذي من شأنه أن يفتح الباب لإعادة الإعمار، وضخ السيولة اللازمة لترميم البنية التحتية المتهالكة، وجبر ضرر الساكنة المكلومة التي فقدت كل شيء في ليلة لم ترحم أحداً.
وتذهب القراءات السياسية إلى أن الحكومة ربما تخشى الوقوع في “فخ” الاعتراف بهذا الوضع القانوني، خوفاً من تحوله إلى سابقة تُلزمها بالتعامل بالمثل مع مدن أخرى قد تضربها تقلبات مناخية مماثلة، في ظل سياق مطبوع بعواصف رعدية وأمطار طوفانية غير مسبوقة، لكن، هل يمكن للحسابات التقنية والميزانياتية أن تعلو على أرواح 37 شهيداً جرفتهم السيول؟ وهل من المقبول أن تظل الدولة في موقف المتفرج أمام انهيار حياة المواطنين وممتلكاتهم بذريعة الخوف من “التعميم”؟
وفي هذا الصدد، كان حزب التقدم والاشتراكية أول من رفع صوته في وجه “التمطيط” الحكومي، مطالباً بقرار فوري وشجاع ينهي حالة اليأس التي تسيطر على الساكنة، فالمجتمع المدني، المحلي والوطني، لم يعد يكتفي بالاستنكار، بل انتقل إلى الهجوم المباشر، متسائلاً بمرارة: هل كان رئيس الحكومة سيتأخر في اتخاذ القرار لو أن الكارثة ضربت مسقط رأسه، أكادير؟ إن غياب التعاطف الميداني وعدم قدرة أخنوش على زيارة آسفي للوقوف على جراحها، يُغذّي الشعور بالإقصاء والتهميش لدى “العبديين” الذين لا يطلبون صدقة، بل حقاً مشروعاً في الكرامة والإنصاف.
إن هذه القضية المستعجلة يجب أن تجد طريقها فوراً إلى قبة البرلمان لفك الحصار عن برنامج إعادة تأهيل شامل، قبل أن تتدخل الحكمة الملكية، كما هو معهود، لإنصاف آسفي ومنحها وضع “المنطقة المنكوبة” بقرار سيادي. فالمدينة التي غرق سكانها تحت مياه الأمطار لا يمكنها الانتظار أكثر تحت مياه “البيروقراطية” الحكومية الباردة، لأن التاريخ سيسجل أن حكومة “تستحق الأفضل” تركت آسفي تواجه مصيرها وحيدة في أصعب لحظاتها.






تعليقات
0