من بين الأزقة الشعبية للحي المحمدي، انطلق صوت مميز يحمل في نبراته ملامح التراث، ودفء الذاكرة المغربية… إنه الفنان *سيمو راني*، الذي اختار أن يسلك طريقًا فنيًا صعبًا، محفوفًا بالتحديات، لكنه مزدان بحب الجمهور واحترام الروّاد.
بدأت حكاية سيمو راني سنة 1999، لا بمهرجان أو ألبوم، بل بإصرار شاب يعشق الأغنية الشعبية، ويرى فيها أكثر من مجرد فن، بل وسيلة لصون الهوية وتخليد الذاكرة. كانت بدايته متواضعة، لكن محمّلة بالطموح، إلى أن خرج أول ألبوم له إلى النور سنة 2012، فكان بمثابة الإعلان الرسمي عن ولادة صوت جديد في الأغنية الشعبية المغربية.
منذ ذلك الحين، سار سيمو راني بخطى ثابتة، محافظًا على خصوصية اختياراته الفنية، مؤمنًا بأن للتراث الشعبي جمالًا لا يُقدَّر بثمن، وأن إعادة توزيعه ليست مجرد تقنية، بل مسؤولية. أطلق أعمالاً متعددة نذكر من بينها: “زواج اليوم صعاب”، “الحاجبة”، “سواكن”، و”عيطة العمالة”، وكلها أغاني تجد صداها لدى جمهور واسع.
في كل عمل جديد، لا يبحث سيمو عن “الضربة الفنية” بل عن القيمة… عن الأغنية التي تلامس المستمع وتعبّر عن واقعه وأفراحه وأحزانه. سنة بعد أخرى، استطاع أن يثبت حضوره، ليس فقط كفنان يؤدي، بل كمبدع يصوغ الأغنية على مقاس الأصالة.
نجح أيضًا في خوض تجربة الغناء خارج الوطن، وكان له حضور لافت في جولة فنية بدولة الإمارات سنة 2023، حاملاً معه صورة مشرفة عن الأغنية الشعبية المغربية، ومقدّمًا لونًا فنّيًا يحظى بتقدير الجاليات.
اليوم، وبعد مسيرة ناهزت ربع قرن، لا يزال سيمو راني وفيًّا لخطه الفني، يطوّر أدواته، يستمع لجمهوره، ويحلم بمشاريع جديدة تحفظ للأغنية الشعبية بريقها ومكانتها.