أش واقع تيفي / الجديدة، المغرب
توفي صباح اليوم “زهير” متأثراً بحروقه البليغة بعد إضرامه النار في جسده أمام كشك بسيدي بوزيد، في حادثة هزت الرأي العام وأعادت إلى الواجهة الجدل حول شروط الاستفادة من الملك العمومي ومعاناة الأشخاص في وضعية إعاقة وفيما سارعت السلطة الإقليمية إلى إصدار بلاغ رسمي يفيد بأن الواقعة تعود لدوافع شخصية وأن الضحية كان يمارس نشاطه التجاري بشكل عادي، كشفت معطيات أخرى عن قصة مختلفة تحمل في طياتها أسئلة صعبة حول العدالة الاجتماعية.
فقد أكدت السلطة الإقليمية أن الراحل، البالغ من العمر خمسين عامًا والذي يعاني من بتر في يده، كان يملك كشكًا منذ أكثر من سنتين، وأن الحادث لا علاقة له بأي قرار إداري وذكر البلاغ أن الأمر يتعلق فقط بمطالبته بتسوية وضعيته القانونية مع الجماعة إلا أن مصادر مقربة من الضحية ووفقاً لتصريحاته السابقة، أفادت بأن “زهير” كان يرى في هذا الكشك أمله الوحيد في الحصول على مصدر رزق وأنه سبق له الدخول في اعتصام احتجاجًا على المحسوبية والزبونية في توزيع الأكشاك، مدعيًا أن ميسوري الحال يستفيدون منها بينما يتم إقصاء الأشخاص ذوي الإعاقة المحتاجين.
وفي اتهام خطير أدلى به قبل وفاته، قال زهير وهو في طريقه إلى المستشفى “أنا عندي مشكل مع رئيس جماعة مولاي عبد الله… سبق أسرار في 2023 دار حملة ومعندوش الصلاحية”.
وفي سياق أوسع، تشير المعطيات المتداولة إلى أن منتجع سيدي بوزيد يعيش حالة من “الفوضى” في توزيع الأكشاك واحتلال الملك العمومي ويُعزى ذلك إلى أن المستفيدين من هذه الأكشاك هم غالبًا من ذوي النفوذ، وهو ما يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص الذي يضمنه القانون لجميع المواطنين وعلى النقيض من ذلك، يرى البعض أن زهير لم يملك شيئًا من هذا النفوذ، لا سيما بصفته من ذوي الهمم وهو ما يُفسر معاناته في الحصول على أبسط حقوقه في العمل والعيش الكريم.
تضع هذه المأساة وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة أمام مسؤولية كبيرة، فبصفتها الجهة المكلفة بتوفير الخدمات وتطوير البرامج والمبادرات لدعم وتمكين الأشخاص في وضعية إعاقة، فإنها مدعوة إلى مراجعة شاملة لآليات الدعم الموجهة لهذه الفئة رحيل “زهير” يُسلط الضوء على الفجوة بين الالتزامات الرسمية والواقع المعيشي للأشخاص ذوي الإعاقة ويطرح سؤالاً جوهرياً حول فعالية البرامج الحكومية في تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي لهم، بعيدًا عن الشعارات.
بوفاة “زهير”، يظل ملف توزيع الأكشاك في سيدي بوزيد مفتوحًا، ويستدعي تحقيقاً شفافاً يسلط الضوء على المعايير المعتمدة في الاستفادة منها، لضمان تكافؤ الفرص ومنع تكرار مآسٍ إنسانية مماثلة.





