مساءلة عاجلة: هل يتحول دعم الجمعيات إلى ريع انتخابي في عمالة الجديدة؟

أش واقع تيفي / هشام شوراق

تُعدّ مدينة الجديدة واحدة من المدن المغربية التي تولي أهمية لدعم النسيج الجمعوي، بهدف تحريك عجلة التنمية الاجتماعية والثقافية والرياضية ومع حلول سنة 2025، صدر جدول توزيع المساعدات والدعم لفائدة الجمعيات التابعة لعمالة إقليم الجديدة، الذي يُفترض أنه يترجم معايير الشفافية والأداء الحقيقي على أرض الواقع لكن وككل سنة، تُثير قوائم المستفيدين موجة من الاستغراب والتساؤلات الحارقة حول شرعية بعض الأسماء المدرجة وحجم الإضافة التي قدمتها للمجتمع مقابل المبالغ الضخمة الممنوحة لها.

جمعيات تُسمع أسماؤها سنويًا في قوائم المستفيدين، لكنها تبقى في طي النسيان ميدانيًا الغريب والمُثير للشك هو تداول أنباء، باتت تُشبه اليقين عن كون رؤساء هذه الجمعيات هم في الغالب من المقربين أو أصدقاء الطفولة لجهات نافذة داخل الأجهزة المُقررة للدعم، مما يُحوّل الدعم من آلية تنمية إلى ريع سنوي يُصرف على أساس العلاقات الشخصية لا الأداء المؤسساتي.

ماذا قدمت هذه الجمعيات؟ وما هي الإضافة المجتمعية؟هنا بيت القصيد. يُمنح الدعم للجمعيات بناءً على مشاريعها وخطط عملها ومدى تأثيرها الإيجابي في حياة المواطنين. فماذا عن تلك الجمعيات “الشبحية”؟

جمعيات بأسماء براقة وعناوين رنانة تحصل على مبالغ معتبرة (مثل جمعية حصلت على 450.000,00 درهم وأخرى على  300.000,00 درهم وأخرى على 180.000,00 درهم، لكن بصمتها على واقع المدينة تكاد تكون معدومة.

هذه المبالغ التي تُخصص برسم سنة 2025  هي في الأصل أموال دافعي الضرائب وهي موجهة لتقوية البنية التحتية الاجتماعية ومحاربة الهشاشة وتأطير الشباب، وتنشيط الحياة الثقافية والرياضية. وعندما تُصرف هذه الأموال دون رقابة فعالة أو تقييم موضوعي للأداء، فإنها تتحول إلى

هدر للمال العام يُطالب الرأي العام الساكن في الجديدة بمساءلة جدية وشفافة: أين هي تقارير الإنجاز السنوية لهذه الجمعيات؟ ما هي الأنشطة التي نظمتها؟ ومن هم الفئات المستفيدة على وجه الدقة؟

دور الجمعيات وشروط الحصول على الدعم، إن دور الجمعيات في الحياة المجتمعية هو دور حيوي ومحوري، فهي تُعدّ شريكًا أساسيًا للسلطات العمومية وتعمل كجسر بين المواطن والدولة هي مطالبة بـ:

التخصص والإضافة النوعية: تقديم خدمات تكميلية أو بديلة لما تقدمه المؤسسات العمومية (كالإحاطة بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة أو رعاية الأرامل والأيتام أو العمل في مجال التراث والثقافة ).

الشفافية والحكامة: تقديم تقارير مالية وأدبية سنوية شفافة ومُدققة تُثبت صرف الدعم في الأوجه المُخصصة له.

الأثر الميداني: إظهار أثر ملموس ومُقاس في المجتمع، بعيدًا عن الشعارات والوعود الورقية.

للحصول على الدعم العام، يجب على الجمعية أن تُثبت وجودها الفعلي وأن تلتزم بتقديم ملفات طلب دعم وافية تتضمن تفاصيل المشروع والميزانية المتوقعة والأهم من ذلك، تقارير مفصلة عن إنجازاتها السابقة التي تبرر استمرار الدعم.

إنّ ما يشهده جدول التوزيع هو دعوة صريحة إلى تدقيق صارم وفتح تحقيق مُعمق في معايير منح الدعم لا يمكن أن يستمر المال العام في تمويل “جمعيات الأصدقاء” على حساب الجمعيات الجادة التي تُكافح بشرف لخدمة المجتمع يجب أن يكون الأداء والإضافة هما المعيار الوحيد لمنح الدعم، لا الصداقة والقرابة.

متى تستيقظ الضمائر الرقابية لتُنهي زمن “جمعيات الورق” في الجديدة؟
المسؤولية السياسية والأخلاقية والإدارية المباشرة والكاملة عن الفوضى والغموض والشكوك التي تكتنف عملية توزيع المساعدات والدعم العمومي لفائدة الجمعيات برسم سنة 2025 بإقليم الجديدة، إن الإصرار على إدراج ودعم جمعيات يُشتبه في أن صلتها بأصحاب القرار أقوى من إنجازاتها الميدانية وتحويل الدعم المالي (المُقترح في الجدول) إلى ريع يفتقد لأدنى معايير الشفافية والحكامة التي تنادي بها الوزارة نفسها، يضع الوزير لفتيت في قلب المساءلة، فبينما تُطالب الحكومة بترشيد النفقات ومحاربة الهدر، تُصرف أموال دافعي الضرائب في الجديدة على جمعيات لا تُضيف شيئاً للمجتمع، الأمر الذي يقتضي منه التدخل العاجل والفوري، إما بفتح تحقيق إداري دقيق لتقييم أداء هذه الجمعيات وسحب الدعم عن “الجمعيات الشبحية”، أو تحمل مسؤولية التغاضي عن استمرار هذا النمط من الهدر الذي يضرب بعرض الحائط مفهوم الشراكة المجتمعية النزيهة.