أش واقع تيفي / هشام شوراق
اهتز الرأي العام بمدينة الجديدة وعموم منطقة دكالة عصر اليوم الأربعاء على وقع خبر وفاة أحد أشهر بارونات المخدرات بالمنطقة، الملقب بـ “حمدون”، داخل أسوار السجن المحلي سيدي موسى وذكرت مصادر موثوقة أن “حمدون”، الذي كان يقضي عقوبة سجنية نافذة، أصيب بسكتة قلبية مفاجئة أثناء ممارسته للرياضة، ليسقط أرضاً قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، بالرغم من محاولات نقله على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس تحت حراسة أمنية مشددة.
“حمدون” كان قد أُدين بعشر سنوات سجناً نافذاً، وشكّلت نهايته المفاجئة داخل المؤسسة السجنية حالة استنفار قصوى وقد استدعت إدارة السجن السلطات القضائية المختصة للتدخل وفتح تحقيق فوري ومعمق للكشف عن جميع ظروف وملابسات الوفاة وهي إجراءات روتينية معمول بها قانونياً في مثل هذه الحالات التي تقع داخل السجون.
ويعود سبب اعتقال “حمدون” الأساسي إلى تورطه وتزعمه لشبكة دولية واسعة لتهريب المخدرات، كانت تستغل سواحل إقليم الجديدة، خاصة المناطق الممتدة بين مولاي عبد الله امغار ومشارف الواليدية، لتصدير عشرات الأطنان من المخدرات وقد نجحت مصالح مديرية مراقبة التراب الوطني بالجديدة، بالتعاون الوثيق مع المكتب الوطني لمحاربة المخدرات التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، في تفكيك هذه الشبكة الخطيرة خلال شهر رمضان الماضي.
لم تقتصر شبكة “حمدون” على فئة معينة، بل كانت تضم خليطاً متنوعاً من المتورطين، مما يدل على نفوذها وتغلغلها فإلى جانب بارون المخدرات، شملت قائمة المحكوم عليهم أشخاصاً بمهن ومستويات اجتماعية مختلفة؛ كان من بينهم عقيد متقاعد في سلك الدرك الملكي، وأصحاب شركات متخصصة في تمويل البواخر، ونساء مقاولات، وبحارون، وحمّالون، وصولاً إلى عاطلين عن العمل، مما يبرز مدى تشعب خيوط هذه الشبكة الإجرامية.
وقد أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة الجديدة أحكاماً قاسية في حق المتهمين في ملف “حمدون” حيث قضت على البارون وثلاثة متهمين آخرين بـ 10 سنوات سجناً نافذاً لكل واحد منهم كما تراوحت الأحكام الأخرى بين 5 سنوات و3 سنوات ونصف، و3 سنوات، وسنتين، وصولاً إلى أحكام موقوفة ونافذة أقل. وقد حظي 7 متهمين بالبراءة من التهم المنسوبة إليهم.
إضافة إلى الأحكام السجنية، قضت المحكمة أيضاً بتغريم المتهمين المحكومين بعشر وخمس سنوات سجناً نافذاً بغرامة مالية ضخمة وكبيرة حيث ألزمتهم بأداء مبلغ وقدره 461.999.000 درهم لفائدة إدارة الجمارك، وكان هذا الحكم بالتضامن فيما بينهم، وهو ما يعكس الحجم الهائل للعمليات الإجرامية التي قامت بها الشبكة والأضرار المالية التي سببتها.
ويُعد “حمدون”، الذي ينحدر من منطقة الغنادرة بإقليم سيدي بنور، أحد أبرز الأسماء في عالم تهريب المخدرات بالساحل الأطلسي، حيث امتد نشاطه ليشمل تصدير أطنان عديدة من المخدرات إلى خارج البلاد وكان يقوم بهذه العمليات غالباً بالاشتراك مع شقيقه، مستغلاً خبرته الواسعة ومعرفته الدقيقة بشواطئ المنطقة لنجاح عملياته المشبوهة.
وبوفاة “حمدون”، تُسدل الستارة على نهاية مأساوية لأحد أبرز زعماء الجريمة المنظمة في منطقة دكالة، بعد أن كان اسمه مرادفاً للثراء غير المشروع والنفوذ الذي بناه على حساب تهريب السموم، ليكون مصيره أن يلفظ أنفاسه الأخيرة وحيداً داخل أسوار السجن، بعيداً عن السلطة والجاه الذي عرف بهما في حياته خارج القضبان.
تعليقات
0