“كوسومار” بين الأداء الاقتصادي وشكاوى “القتل البطيء” لسكان سيدي بنور

خلية التحرير السبت 8 نوفمبر 2025 - 14:13

أش واقع تيفي / سيدي بنور

في سياق احتفالات المملكة بـ “اليوم الوطني للصناعة” والتأكيد على إشعاع علامة “صُنع في المغرب”، قدمت مجموعة “كوسومار” نفسها كفاعل محوري وداعم للسيادة الغذائية الوطنية وتؤكد المجموعة التزامها التاريخي من خلال منظومة صناعية حديثة تُمكّنها من إنتاج 2.5 مليون طن من السكر الأبيض سنوياً، وتضمن تمويناً مستقراً ومتواصلاً للسوق المحلية، فضلاً عن دورها في التصدير لأكثر من 80 وجهة دولية، ولا يقتصر إسهام المجموعة على الصناعة، بل يمتد ليشمل العالم القروي من خلال نموذج تجميع فلاحي يضم أكثر من 80,000 فلاح، وتضخ المجموعة من خلاله قرابة 3 مليارات درهم سنوياً، مما يعزز الدورة الاقتصادية والتنمية الفلاحية.

وفي المقابل، تتصاعد أصوات الساكنة المجاورة لمصفاة سيدي بنور (التي انطلقت في الإنتاج سنة 2024)، لتضع الأداء الاقتصادي للمجموعة أمام تحدي المسؤولية البيئية والاجتماعية في الميدان، إذ يواجه سكان المنطقة مشكلة التلوث الجوي المتكرر، الذي يصفونه بـ “القتل البطيء”، مما يهدد صحتهم وسلامتهم العامة بشكل مستمر، وتطرح هذه الشكاوى تساؤلات جدية حول مدى التزام الوحدة الصناعية بمعايير الحفاظ على البيئة في محيطها المباشر.

هذا التلوث البيئي يتزامن مع شعور عام لدى سكان سيدي بنور بـ غياب الاستفادة التنموية المباشرة والملموسة من وجود هذا المعمل الضخم على أرضهم، حيث يشكو شباب المنطقة من أنهم لا يحصلون على فرص عمل تناسب قدراتهم وإقامتهم، بينما تذهب الأغلبية الساحقة من مناصب الشغل إلى خارج المنطقة وهو ما يتناقض مع أي مفهوم للتنمية الترابية المندمجة.

وتتفاقم الأزمة مع عدم قيام المعمل بأي مشاريع ذات طابع اجتماعي أو تنموي تعود بالنفع على الساكنة المحلية، حيث تغيب المبادرات الخاصة بإنشاء أو دعم المساحات الخضراء، ملاعب القرب، المستوصفات، أو أي تطوير في البنية التحتية للطرق والمرافق العامة، وبذلك، يبقى الأثر الوحيد الملموس لتواجد “كوسومار” في سيدي بنور هو التلوث الذي يؤثر سلباً على جودة حياة السكان، دون مقابل تنموي أو اجتماعي يبرر التكلفة البيئية.

أما على المستوى الفلاحي، فبالرغم من تبني “كوسومار” لنموذج التجميع ودعم الفلاحين، فإن شكاوى تدور حول أسعار شراء الشمندر (البنجر) من الفلاحين المحليين، حيث يرى العديد منهم أن الأسعار التي تحددها المجموعة “بخص” (منخفضة) ولا تتناسب مع الجهد والتكلفة والمخاطر التي يتحملونها في زراعة هذه المادة الأساسية، وهو ما يضع علامة استفهام حول عدالة التوزيع الاقتصادي للأرباح بين الشركة والفلاح الشريك.

إن الموازنة بين الإنجاز الصناعي على المستوى الوطني، وضمان حقوق الساكنة المجاورة في العيش الكريم والبيئة النظيفة والتنمية العادلة، تظل التحدي الأكبر أمام “كوسومار”، وبقدر ما يُثمن دورها في السيادة الغذائية، يجب أن تخضع مسؤوليتها المجتمعية والبيئية لمعايير صارمة تضمن أن “صُنع في المغرب” هو رمز للتنمية العادلة، وليس للنمو الذي يأتي على حساب صحة ورفاهية المواطنين.

تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على Google News تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 18:13

بالإرادة الشباب “تمليطت” يشق طريقه ويكسر “صمت المسؤولين” بمبادرة شعبية خالدة

الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 15:28

الجديدة: شبكة إجرامية تستغل المزادات العلنية الوهمية للنصب والابتزاز وتهديد الضحايا لإسكاتهم

الأربعاء 5 نوفمبر 2025 - 12:21

الجديدة.. صمت رسمي وأزمة متصاعدة… هل تفشل جامعة شعيب الدكالي في احتواء التوتر بكلية الآداب؟

الثلاثاء 4 نوفمبر 2025 - 17:54

عامل الاقليم يشرف على توزيع دفعة من المشاريع لفائدة عدد من النزلاء السابقين للمؤسسات السجنية