أش واقع تيفي / هشام شوراق
تعيش الملحقة الإدارية الرابعة بمدينة الجديدة حالة من الاختناق الإداري غير المسبوق، وضعت المرفق العام في مواجهة مباشرة مع سخط المرتفقين، في مشهد ينسف كل الشعارات المرفوعة حول تحديث الإدارة وتقريبها من المواطن، ففي الوقت الذي تراهن فيه الدولة على النجاعة والسرعة، يجد الموظفون والساكنة أنفسهم ضحية نقص حاد وصادم في الموارد البشرية، مما حوّل العمل اليومي إلى معركة استنزاف نفسي وجسدي، وأدخل المصلحة في دوامة من التباطؤ التي أدت إلى تراكم مئات الملفات والطلبات العالقة تحت وطأة العجز البشري.
وتتجلى ملامح هذه الأزمة الخانقة بوضوح في مصلحة المصادقة على الإمضاءات، حيث يجد موظف واحد نفسه مرغماً على مواجهة أمواج بشرية يومية، مطالباً بمعالجة مئات الملفات في ظروف عمل قاسية تفتقر لأدنى شروط الجودة الإدارية، هذا الوضع الشاذ لم ينعكس فقط على البطء الشديد في الاستجابة، بل تسبب في إرهاق مهني حاد للموظفين وتدني مستويات الأداء، مما خلق حالة من التذمر الشعبي والشكاوى المستمرة لمواطنين يضطرون لانتظار ساعات طوال، أو القدوم في ساعات الفجر الأولى للظفر بدور في مرفق يفترض فيه السلاسة والانتظام.
إن هذا العجز البنيوي في الموارد البشرية يكشف عن خلل عميق في التوزيع العادل للكوادر الإدارية، حيث يقر رؤساء المقاطعات بوجود الأزمة، لكنهم يضعون الكرة في ملعب المجلس الجماعي لمدينة الجديدة باعتباره صاحب الصلاحية في إعادة انتشار الموظفين، إن غياب الإرادة في تحريك الملفات الراكدة داخل دهاليز المجلس، وعدم المبادرة بنقل الموظفين من المصالح الفائضة إلى الملحقة الرابعة، يكرس نوعاً من “البلوكاج” الإداري الذي يدفع ثمنه المواطن البسيط، ويجعل من الرقمنة والتبسيط مجرد مفاهيم نظرية لا أثر لها على أرض الواقع المأزوم.
وأمام هذا الاحتقان الإداري الذي بات يهدد السلم الاجتماعي ويقوض الثقة في المرفق العام، تتعالى أصوات الساكنة والفعاليات المحلية من قلب الملحقة الإدارية الرابعة، موجهة نداء استغاثة مباشر وعاجل إلى السيد عامل إقليم الجديدة، وتطالب الساكنة بتدخل سلطة الوصاية لفك الحصار الإداري عنهم، عبر إصدار تعليمات صارمة للمجلس الجماعي لتعزيز الموارد البشرية، والعمل على رقمنة الخدمات لتخفيف الضغط، وضمان حق المواطن في إدارة تخدمه ولا تهينه، انتصاراً لمبادئ الدستور التي تجعل من خدمة المواطن الغاية الأسمى لوجود الإدارة.
وفي هذا الصدد، يبرز التساؤل الحارق حول الدور الرقابي المفترض لـ “قائد الملحقة الإدارية الرابعة”، الذي لا يمكنه أن يظل في موقع “المشاهد” أو المكتفي بدور المتفرج أمام هذا الانهيار التنظيمي الصادم، فالقائد بصفته المسؤول الأول عن السلطة المحلية والضامن القانوني للسير العادي للمرفق العام، مطالب بالخروج من دائرة الصمت وممارسة أقصى الضغوط على المجلس الجماعي، ورفع تقارير “سوداء” ومستعجلة إلى سلطات العمالة لفضح هذا الشلل الذي يسيء لهيبة الإدارة الترابية، إن الاكتفاء بمراقبة طوابير الانتظار ومعاناة المواطنين من وراء المكاتب المكيفة، دون تحرك ميداني حازم لانتزاع الموارد البشرية الكافية، يعد استقالة صريحة من الأدوار التدبيرية والتمثيلية، ويضع السلطة المحلية في قفص الاتهام بالتقصير في حماية كرامة المرتفقين من بيروقراطية جماعية عقيمة باتت تهدد السلم الإداري بالمنطقة.






تعليقات
0