حمزة رويجع
تابع الرأي العام بشكل ملفت في الآونة الأخيرة ملف تسوية الصلح الذي جرى بين الطرف المكتري لمطعم القرش الأزرق و الجماعة الترابية مولاي عبدالله، و سعيا لإجلاء الحقيقة بحثت الجريدة في الملف بعدما كثر القيل و القال، من هنا و هنالك فغابت أمور كثيرة، فيما يظهر النصف الفارغ من الكأس فقط، و تضيع بذلك معطيات عديدة، و بعد النبش قليلا فقط يتضح للوهلة الأولى أن نفوسا سياسية أصابها المرض و نخر جسمها الوهن، زد عليها جهات هي معلومة في واضحة النهار أنها تعارض من أجل المصلحة العامة، و في ظلمة الليل تؤيد و تساند من أجل مصلحتها الخاصة، تاركة زيف الشعارات الرنانة، و جاعلة من فايسبوكها فقط أداة أو وسيلة لتفريغ عطش لم ترويه بعد أي إلتفاتة أو إكرامية، قد يجود بها أصحاب التسيير الشأن العام المحلي، فبعض الفايسبوكين يعتبرون ان صندوق الجماعة في أحد مكاتبها، أو أن المجلس هو بقرة حلوب لذة للصائغين، و الشاهد في الأمر أن المعركة هي سياسية صرفة و تتخد في كل مناسبة شكلا من الأشكال.
ما يغيب عن الرأي العام، أولا أن المكتري لمطعم القرش قد ساهم في تطوير رأس ماله و تنمية الأصل التجاري(Fond de commerce)، فهو مستثمر و ليس بجمعية لا تسعى الى الربح، فإن قمنا بعملية حسابية بسيطة و أهل التجارة هنا يعلمون ذلك و بشكل جيد، سنجد أن الأصل التجاري تضاعف أضعافا مضاعفة مقارنة باليوم الأول الذي وطأت رجل المكتبري بالمطعم موضوع الصلح، و هنا من لازم على أي مكتري جديد أن يقوم بأداء مبلغ الأصل التجاري الذي يفوق قيمة الكراء لعقود من زمن و ليس فقط سنوات، لأن الرواج التجاري الذي حققه المسير بفضل طريقة تدبيره للفضاء و إستقطابه لمجموعة من الزبناء، أو من خلال المأكولات التي أشرف عليها الطهاة العاملون، جعلت من المطعم مكانا تجاريا بإمتياز و كل هذا يدخل في نطاق الأصل التجاري.
ما يغيب عن الرأي العام، أن الدعوى القضائية التي كانت مرفوعة ضد المكتري تمت في عهد مجلس سابق و رئيس سابق، و نحن لا نعلم الحيثيات التي دفعت بالجهة السابقة لرفع الدعوى، و صحيح أن هنالك مبدأ إستمرارية المرفق العمومي رغم تغيير المنتخبين، لكن يجب أن نستحضر إرادة الساكنة التي تدلي بأصواتها الإنتخابية في كل ست سنوات، الشيء الذي يجب إحترام التوجهات و المقررات التي تتبناها الأغلبية المسيرة الجديدة، تحت مراقبة السلطة البعدية لوزارة الداخلية لإحترام القوانين المعمول بها، و من يعارض ذلك فما عليه إلا أن يشمر على ساعديه و يدخل نزال الإستحقاقات الجماعية المقبلة، و في أول دورة يبرمج بدوره نقطة فسخ الصلح و إعادة رفع دعوى قضائية جديدة.
بالتالي فالمجلس الجماعي الحالي هو غير ملزم بالسياسات العمومية المحلية للمجالس الجماعية السابقة، و أن من يدعي تحقير مقررات القضاء فهذا زيف من الخيال، و محاولة لإثارة نار الفتنة بين المؤسسات الدستورية، فلو كان هذا المجلس الجماعي المنتخب حديثا هو من رفع الدعوى القضائية حينها يمكن أن يكون تفسير آخر.
ما يغيب عن الرأي العام، أن هناك أسرا عاملة بالمطعم لسنوات خلت تجد نفسها أنها ساهمت في إنجاح الإستثمار، و أضحى يشكل موردها اليومي لها و لأسرها، و أنها حققت الإستقرار و الإنسجام بين العمل و الأسرة، و أن أي تغيير قد يطرأ سيجعل من إستقرارها المهني و الأسري معرضا للخطر، و بالتجربة فمعلوم أن دخول أي مكتري جديد إلا و سيجلب معه طاقما جديدا من العاملين، رغم ما قد يحمله دفتر التحملات من ضرورة الإحتفاظ بالعمال أو ذلك، فهو سيكون مجرد حبر على ورق، و الأكثر من ذلك هي العلاقة الإنسانية التي إرتبطت بين المكتري الحالي و العاملين، التي تجاوزتها علاقة مدير و عامل، إلى علاقة صداقة و أخوة متينة مبنية على الإحترام و الوقوف بجانب الآخر في المسرات و المحن، الشيء الذي إستطاعوا جميعا تجاوز المحنة بشكل جماعي و ذبح عجل شكرا لله سبحانه عز وجل الرزاق و الذي لا تضيع ودائعه.
و جدير بالذكر على أن المجالس الجماعية و على المستوى الوطني، هي تسير في إتجاه عقد الصلح و التسوية من خلال التوافق عوض اللجوء للمساطر القضائية لما فيها من إكراه زمني و تضييع لمداخيل هامة في ميزانية التجهيز لتبرمج على شكل مشاريع تنموية تستجيب لحاجيات المواطنين، و تسهم في نماء و إزدخار المنطقة الترابية.
التعليقات مغلقة.