آش واقع تيفي/ عبدالمجيد الإدريسي طالب جامعي
لم نعد قادرين على تحمل لعبتكم الصبيانية.. البئيسة.. المملة… في السياسة والإعلام والثقافة والصحة والتعليم…
كثيرا ما سلمنا- تجاوزا بوعودكم في العديد من المحطات، وفي كل مرة، مع كل حدث، كنا نقول قد يكون الوعد هذه المرة صادقا كنا نكذب على أنفسنا ونفتح ثقباً صغيراً للأمل، قد يتسع مع الزمن. كنا نحلم كالأطفال وهم يترقبون حلول العيد الذي يأتي ومعه الملابس الجديدة والحلوى واللُّعَب المسلية. كنا مرغمين، في العديد من المراحل الفارقة، على الحلم وتصديقه، لأننا نعيش بالأمل رغم الألم. نؤمن بالإيجابية والتفاؤل، وبالقول المأثور: “ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل” وجعلنا للأمل فسحات ومساحات ومسافات، وأفرشنا له المطايا في القلوب والنفوس، وأنزلناه المنزلة العظمى، لكن كُلّما كَبُر أملُنا كُلّما كَبُرَ تيئيسكم لنا أضعافاً مضاعفة، حتى يتقلص حلمنا، وتضيق فسحته، وينكمش ويتضاءل ويتقزم أمام سلطة التشاؤم وسطوته. هي لعبة القط والفأر، وشد الحبل، ولم ينتصر الأمل ولو في جولة واحدة لحد الآن. ولن ينتصر ما دامت خريطة تَنفُّسِه هي رقعة شطرنج يتحكم فيها حراس التفاهة. الإعلام قاطرة تجر كل عربات تكريس الواقع البئيس: لم نعد قادرين على استقبال الصور ومضامينها المكشوفة والمبطنة المتدفقة شلالات من شاشاتكم الإعلامية الإعدامية، وعبر أثير محطات إذاعاتكم، ومواقعكم الإلكترونية، وصحفكم المستأجرة والمسيسة. إنها صور المسخ والتضبيع والتدجين والسلب للقدرات العقلية والإبداعية.
لقد استنسختم بها شرائح اجتماعية بلا ملامح.. بلا فكر.. بلا رأي.. بلا أخلاق… شرائح هائمة تائهة ضائعة تابعة، مسلوبة التمييز، خائرة القوة، تعترض على البديهي، وتوافق على المبهم والغامض والإشكالي من غير تساؤل. رأي عام مشوه صنعته ثقافة تافهة، ترفع شعار حب الوطن بالتهريج والشعوذة حتى أصبحت ديدن مجتمع بأكمله يميل ميل الغالب، وتقلده بشكل أعمى وأصم وأبكم، حتى أصبح اللهو، والمجون، والنفاق، والكذب، والتدليس، والتفاهة،… سمة السواد الأعظم، والذي لا يتقن هذه المهارات فهو نشاز ويغرد خارج السرب.
هذه هي النتائج لصناعتكم المبهرة. نشهد لكم أنكم تفوقتم، وربحتم الرهان في أغلب الجولات، والتاريخ- بهذا المنطق- لا يعيد نفسه. بهذا الإعلام الذي خلط الأوراق وأعاد ترتيبها وفق أولويات خاصة تكونون قد حجبتم الحقائق، وغيرتم طبائع الخلائق، وأفسدتم النسل والحرث.
لقد أبدعت في صناعة أشباه الرجال ولا رجال كما قال سيدنا علي بن أبي طالب.
التعليقات مغلقة.