آش واقع
يتّجه الرئيس التونسي قيس سعيّد، إلى الانتخابات التشريعية في 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وبينما يفرض نقاشاً جديداً حول القانون الانتخابي، بعد جدل الاستفتاء على الدستور في 25 يوليو/تموز الماضي، يقفز من مرحلة إلى أخرى مع فرض واقعه على الجميع في الداخل والخارج.
يتساءل المتابعون عن الجدوى من القانون الانتخابي، سواء وضعه سعيّد بمفرده، كما حصل في الدستور، أو تشاركياً كما يطالب البعض، في ظل دستور نفى أي سلطة لأي جهة، عدا سلطة الرئيس، بينما يرى كثيرون أنه سيقضي على أي جهة رقابية، مُطلِقاً بداية مرحلة “قتل الأحزاب”.
ويمضي سعيّد في مشروعه كما عبّر عنه بكل وضوح حتى قبل أن يترشح للرئاسة عام 2019: “انتهى عصر الأحزاب”.
وتطرح اليوم أسئلة واقعية كان يعتقد أنها من قبيل الرياضة الذهنية قبل فترة، هل يقود تحجيم الأحزاب وحرمانها دورها الأساسي إلى محوها؟ وفق الدستور التونسي الجديد، حتى لو شاركت الأحزاب في الانتخابات التشريعية المقبلة، وبالقانون الانتخابي الذي تريد، ودخلت برلماناً محدود الصلاحيات، يُطرَح سؤال جدي عن دورها في الواقع، بينما الرئيس هو الذي يعين الحكومة والمسؤولين في الدولة، وما الذي يستفيده الناخب من أحزاب لا تحكم؟ أليس هذا مقدمة لإقصائها وتفتيتها تلقائياً من المشهد كما بشّر سعيّد قبل الانتخابات؟
انتهى عهد الأحزاب
وبالعودة إلى تصريحات سعيّد قبل الانتخابات 2019، حيث أكد أنّ “الديمقراطية النيابية في الدول الغربية نفسها أفلست وانتهى عهدها”. وأوضح قائلاً: “انتهى عهد الأحزاب. الشعب صار ينتظم بطريقة جديدة، انظروا ماذا يحدث في فرنسا بالسترات الصفراء وفي الجزائر والسودان. الأحزاب مآلها الاندثار، مرحلة وانتهت في التاريخ”.
وأردف سعيّد، حينها، في حوار مع صحيفة “الشارع المغاربي”، قائلاً: “الأحزاب ماذا تعني؟ جاءت في وقت معين من تاريخ البشرية، بلغت أوجها في القرن الـ19 ثم في القرن الـ20 ثم صارت بعد الثورة التي وصلت على مستوى وسائل التواصل والتكنولوجيات الحديثة أحزاباً على هامش الدنيا في حالة احتضار. ربما يطول الاحتضار، لكن بالتأكيد بعد سنوات قليلة سينتهي دورها”.
وفي الإجابة عن سؤال، هل سيكون إلغاء الأحزاب من بين إصلاحاتك السياسية؟ يجيب سعيّد: “لا لن ألغيها. التعددية ستبقى قائمة إلى أن تندثر وحدها”.
التعليقات مغلقة.