اش واقع
تُعَدُّ التبوريدة واحدة من أهم الفنون التقليدية المغربية التي تجسد روح الفروسية والبطولة، وهي تعبير عن العلاقة العميقة بين المغاربة والخيل منذ قرون. هذا الفن الشعبي، الذي اعترفت به منظمة اليونسكو كتراث ثقافي غير مادي، يحمل في طياته قصصا وتقاليد عريقة تختلف من منطقة إلى أخرى، مما يعكس تنوع وغنى الثقافة المغربية.
إلا أن المتأمل في واقع التبوريدة اليوم سيلاحظ أن بعض السربات قد بدأت في التخلي عن تقاليدها الخاصة، وتحديدًا فيما يتعلق بالأزياء التقليدية المميزة لكل منطقة. في مناطق كشراردة، على سبيل المثال، نجد أن بعض السربات لم تعد تلتزم بلباسها التقليدي الخاص بالمنطقة، وأصبحت تتبع زيًا مستعارًا من مناطق أخرى، في محاولة ربما لمجاراة السربات الأخرى أو مواكبة اتجاهات جديدة. هذا التحول يطرح تساؤلات حول مدى الحفاظ على هوية كل منطقة وخصوصيتها الثقافية.
من بين المناطق القليلة التي تشبثت بتراثها الأصيل وحافظت على لباسها التقليدي المميز نجد “تكنة سيدي قاسم”. هذه السربة تظل وفية لتراثها وللملابس التقليدية التي تُعبر عن انتمائها الحقيقي لمنطقتها. وتأتي هذه الأمانة في الحفاظ على الأصالة في وقت أصبح فيه التقليد والابتعاد عن الجذور ظاهرة منتشرة في بعض المناطق، الأمر الذي يضعف من ثراء التبوريدة ويطمس هوية المناطق الفريدة.
في هذا السياق، من الضروري أن ننتقد وبشدة تخلي بعض سربات شراردة عن هويتها وتبنيها أزياء لا تنتمي لتراثها الخاص. إن الحفاظ على خصوصية كل منطقة هو ما يضفي على التبوريدة تميزها ويعكس التنوع الثقافي داخل المغرب. إذا ما استمر هذا التقليد غير المدروس، فإننا نخاطر بفقدان هذا التميز الذي يجعل من التبوريدة تراثًا عالميًا يستحق الاحتفاء به.
ومع اقتراب موسم الولي الصالح سيدي قاسم بوعسرية، حيث يلتقي عشاق التبوريدة من مختلف أنحاء المغرب، ينبغي أن يكون هذا الموسم مناسبة لتعزيز الالتزام بالأصالة والتقاليد، ورفع راية المحافظة على هذا التراث العريق. نحن في حاجة إلى توعية السربات بأهمية الحفاظ على هويتها الثقافية وعدم الانجراف وراء التقليد الذي قد يسلبها من خصوصيتها.
التبوريدة ليست مجرد استعراض للفروسية، بل هي رمز لكرامة وتاريخ كل منطقة مغربية، وأي محاولة لتوحيد الأزياء أو تقليد مناطق أخرى هو بمثابة خيانة لهذا التراث.
التعليقات مغلقة.