عرف مهرجان شواطئ اتصالات المغرب لصيف 2025 جدلًا واسعًا داخل الأوساط الفنية، بعدما طرأت تغييرات جوهرية على مستوى إدارة الشركة المشرفة على هذا الموعد الثقافي السنوي فمع مغادرة عبد السلام أحيزون لمنصبه على رأس اتصالات المغرب، وتعيين محمد بنشعبون مكانه، كان المنتظر أن يشكل هذا التحول فرصة حقيقية لمراجعة السياسات السابقة، خاصة ما يتعلق بطريقة التعاقد مع الفنانين وشروط مشاركتهم، غير أن الآمال سرعان ما تهاوت أمام واقع جديد لا يختلف كثيرًا عن ما سبقه، وربما أكثر تعقيدًا.
الشركة الجديدة التي كلفت من طرف الإدارة العامة باتصالات المغرب بتنظيم مهرجان الشواطئ، جاءت بشروط وصفت من طرف عدد من الفنانين بالمجحفة، سواء من حيث قيمة التعويضات أو طريقة صرفها، إذ أفادت مصادر من داخل الوسط الفني أن الأجور المقترحة هذا الموسم تقل بكثير عما اعتاده الفنانون في الدورات السابقة، كما أنها تخضع لاقتطاعات ضريبية تضعف من قيمتها النهائية، في الوقت الذي يُلزم فيه كل فنان بتحمّل مصاريف فرقته الموسيقية ومرافقيه، بل وحتى تكاليف الترويج لعروضه في غياب أي حملة تواصلية جدية مع المواقع الكبرى من طرف الشركة المنظمة.
عدد من الفنانين عبّروا في تصريحات خاصة عن استيائهم من استمرار نهج الإقصاء الممنهج لأسماء فنية مغربية راكمت تجربة وجمهورًا واسعًا، وظلت لسنوات تطالب بفرصة للمشاركة دون جدوى، كما هو حال الفنانة شيماء عبد العزيز، والزهراء العروسي، وهاجر عدنان، وسي مهدي، وآخرين ممن وجدوا أنفسهم مرة أخرى خارج خارطة المهرجان، رغم الحديث المتكرر عن توسيع قاعدة المشاركين وفتح المجال أمام طاقات فنية من مختلف المدن. المفارقة أن مدنًا ظلت لسنوات تنتظر نصيبها من سهرات هذا المهرجان، وجدت نفسها أيضًا خارج البرمجة، ما عزز الانطباع بأن تغيير الواجهة لم يغير شيئًا من جوهر السياسات السابقة.
مصدر فني تحدث إلينا بنبرة غاضبة، مؤكدًا أن العديد من الفنانين باتوا يُفكرون جديًا في فسخ ارتباطهم بالمهرجان والعمل بشكل حر خلال الموسم الصيفي، سواء داخل المهرجانات المحلية أو القارية، بدل الاستمرار في قبول عقود مهينة لا تراعي لا القيمة الفنية ولا المتطلبات المهنية لكل عرض فني. وأضاف المصدر أن الفنان المغربي، رغم ما يعانيه من تقلبات السوق الفنية، كان دائمًا يعوّل على مهرجان الشواطئ كفرصة موسمية للعمل وضمان دخل سنوي مستقر، غير أن الظروف الجديدة جعلت هذه المناسبة عبئًا أكثر منها فرصة، في ظل ضعف التواصل، وغياب الرؤية، وتهميش صوت الفنان داخل أي نقاش تنظيمي.
ورغم كل الانتقادات التي وجّهت إلى الشركة الجديدة، لم يصدر عنها أي توضيح رسمي يشرح خلفيات الشروط المعتمدة أو آليات اختيار الفنانين والمدن، كما أن إدارة اتصالات المغرب لم تُبادر إلى احتواء الأزمة أو فتح حوار مع النقابات المهنية كما كان متوقعًا مع بداية ولاية محمد بنشعبون. وهذا ما زاد من تعميق الهوة بين المؤسسة والفنان، وأذكى حالة الغليان التي تسود كواليس المجال الفني منذ انطلاق أولى سهرات المهرجان.
هكذا يبدو أن صيف 2025 لم يحمل التغيير الذي كان مرجوا من طرف الفنانين، بقدر ما عمّق الإحساس بالتهميش والإقصاء، في مهرجان كان يفترض أن يكون منصة وطنية لاحتضان الأصوات المغربية وتكريس ثقافة الإنصاف الفني. وبين صمت الشركة المنظمة، واستياء الفنانين، وأسئلة الجمهور، يبقى مستقبل هذا المهرجان مرهونًا بمدى استعداد المؤسسة لإعادة النظر في تصورها، وتصحيح مسار تظاهرة باتت مهددة بفقدان بريقها ومشروعيتها معًا.
تعليقات
0