صرخة سيدي بنور: “كوسومار” تقتلنا بالروائح والسموم.. وحياة المواطن لا تساوي سعر “الشمندر”

خلية التحرير الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 15:12

أش واقع تيفي / هشام شوراق – سيدي بنور 

على طول السنة، تتحوّل مدينة سيدي بنور ونواحيها إلى فضاء خانق تختلط فيه الروائح الكريهة بأصوات احتجاج صامت، هذا الكابوس البيئي، الذي تمثّله منشأة “كوسومار” الضخمة، أضحى عنواناً دائماً للمعاناة ومصدراً رئيسياً لـ التلوث والإقصاء، فرغم قرب المعمل من مقر عمالة الإقليم، على بعد كيلومتر واحد فقط، إلا أن صمت المسؤولين وتجاهل الجهات الوصية زاد من حدة الغضب الشعبي، الذي تجاوز الروائح الخانقة إلى اتهامات مباشرة للمعمل بالتنصل من المسؤولية الاجتماعية والبيئية.

مع انطلاق عمليات التصنيع، تعمّ أرجاء المدينة رائحة نتنة أشبه ما تكون بمستنقعات آسنة، تفترش الأحياء وتخترق نوافذ البيوت، مخنقة أنفاس المرضى والمسنين والأطفال أحد السكان يصف الوضع بكونه “معاناة يومية لا تنتهي”، مشيراً إلى أن مرضى القلب والربو يجدون أنفسهم محاصَرين بتأثيرات بيئية خطيرة وتتجسد هذه الكارثة على الطريق الوطنية رقم 7، حيث تصطدم حواس الزائر بروائح مقززة تنبعث من حفرتين كبيرتين خصصتهما “كوسومار” لتجميع النفايات السائلة القاتلة وكأن الإدارة تقول لزوار المدينة: “هذا واقع المدينة فاعتد عليه أو غادرها”.

ليست الروائح وحدها من تحاصر سكان المدينة، بل تضاف إليها معضلة الشاحنات والجرارات التي تملأ الشوارع، محمّلة بحمولات ثقيلة تفوق قدرة الطرقات المهترئة أصلًا، هذه الشاحنات لا تلتزم بقواعد السير، وتشكّل خطرًا يوميًا على المارة وتتسبب في حوادث قاتلة، المدينة التي تفتقر للطرق المهيأة، تتحوّل خلال موسم الشمندر إلى ساحة فوضى عارمة، كما أن الفلاح مهضوم في حقوقه، حيث تشتري الشركة الشمندر بالسعر الذي يناسبها، بمساعدة السماسرة، في عملية استغلال واضحة، بينما يُعاني شباب المنطقة من البطالة المفرطة، ويُقصون بطريقة ممنهجة.

رغم ضخامة أرباح “كوسومار”، تُقابل معاناة الساكنة بتصريحات وردية ومنشورات “فيسبوكية” لا تتجاوز جدران مواقع التواصل. وفي سياق ذي صلة، خرج تنسيق حزبي يضم أربعة تنظيمات سياسية عن صمته، متهماً الجهات المسؤولة محلياً ومركزياً بـ “التقاعس والتواطؤ غير المباشر” وسط صمت رسمي مريب البيان حذّر من استمرار انبعاث “روائح خانقة” محولة أجواء المدينة إلى ما يشبه “الخنادق الغازية” هذا البيان لم يُحرك مسؤولي المعمل وكأن همهم الوحيد هو جمع المال، بينما حياة المواطن لا تهمهم إن اللامبالاة القاتلة هذه، التي تجمع بين غلاء الأسعار والروائح المميتة، هي من بين الأسباب التي أججت الاحتجاجات الشعبية في الظرفية الحالية ومن بينها خروج شباب “جيل Z” للتعبير عن رفضهم لهذا التهميش والضرر.

يظل السؤال مطروحاً بإلحاح إلى متى سيستمر صمت المسؤولين أمام معاناة الساكنة؟ وهل يُعقل أن تُترك مدينة بأكملها رهينة لمنشأة صناعية لا تعترف إلا بالأرباح؟ يجب تفعيل مسؤولية المقاولة المواطنة لا كشعار للتسويق، بل كواجب قانوني وأخلاقي تجاه مدينة تموت اختناقًا كل سنة.

ولنا عودة بالصوت والصورة على قناتكم “أش واقع تيفي” مع المتضررين من ساكنة إقليم سيدي بنور يوم الأحد على الساعة التامنة مساء.

تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على Google News تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أش واقع على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الجمعة 10 أكتوبر 2025 - 16:19

“التهديد أتى بثماره”: هل اشترت وزارة الصحة صمت الفاريسي على حساب حياة المواطنين؟

الجمعة 10 أكتوبر 2025 - 10:17

تحقيق عاجل في “مسرحية مستشفى أكادير”: صمت “الصحة” وتواطؤ “القانون” تحت المجهر

الخميس 9 أكتوبر 2025 - 01:00

أكادير.. طبيب بمستشفى الحسن الثاني يهدد بفضح المستور بعد قرارات توقيف أطباء وممرضين وقابلات

الأربعاء 8 أكتوبر 2025 - 22:53

وفاة جديدة لامرأة حامل تعمّق أزمة مستشفى الحسن الثاني بأكادير وتزيد من غضب الساكنة