رسالة من منتدى الوطني للحقوق الإنسان إلى الوزيرة “بسيمة حقاوي”
أش واقع: حسام أديب
سلام تام بوجود مولانا الإمام؛
وبعد فعلاقة بالموضوع المشار إليه أعلاه؛ ودائما مع النفحات الربانية، بمناسبة هذا الشهر الأبرك، وما يختزله من معاني التضامن والتكافل ، والتسارع على فعل الخيرات، وتقفي أثر السلف الصالح، طمعا في رضاه سبحاته وتعالى.. شهر تسطع فيه أنوار الإيمان ، وتتعطش فيه القلوب والجوارح لمسح دمعة يتيم، وإشعال شمعة تبدد ظلمة متخلى عنه سقيم.. شهر فضيل، يحرك مَن بقلبه ذرة إنسانية، تجعله ينبعث من رماد التسلط، والتجبر، واستعباده للضعفاء ـــ على الأقل ولو مؤقتا ـــ لكي يقترب أكثر من نبض الشارع.. من هَمِّ رجل الشارع.. من انشغالات وتطلعات الإنسان البسيط، الذي لا حول ولا قوة له.. شهر كريم، يحرك الإنسان َبداخلنا جميعا، فيجعلنا أقرب إلى نبض مَن هم حولنا مِن المهمشين والمقصيين والمنسيين.. مَن يتجرعون مرارة الحكرة، ويتألمون في صمت.. من يموتون ألف مرة في اليوم، حسرةً على تنكر المسؤولين لهم .. لاحتياجاتهم.. لحقهم في الوجود.. لحقهم ولو في بعض ، ”فتات’ خيرات هذا البلد المعطاء”، الذي تكالب عليه بائعو الوَهم.. من حملي الأمانة، ـــ ولم يحسنوا حملها ـــ .. منْ أقسموا أمام جلالته، أن يكونوا مخلصين.. غير انهم لم يكونوا في مستوى ثقة أمير المؤمنين فيهم؛
مِن عبق هذا الشهر الأبرك ، شهر ليلة القدر، شهر نزول القرآن، شهر الرحمة والمغفرة والإحسان.. شهر تكثر في الأعمال الصالحات طمعاً في الأجر والثواب؛ من عمق قدسية شهر البركات هذا، يشرفنا في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، أن نوجه الجزء الثاني من هذه الرسالة الصادقة؛ إلى معاليكم مخاطبين ـــ فيكم دائما ـــ العاطفة، والإحساس الرهيف والأنثى ، والأم بداخلكم، وأنتِ الخبيرة المتمرسة في عالم علم النفس الاجتماعي، وعلم الهندسة البشرية.. مما يجعل ـــ بحكم مساركم التعليمي الغني ـــ المثل الشعبي التالي : ” يَزْطَمْ على الزبيبة..وِ يِحَسْ بحلاوتها”، سهل الانطباق على معاليكم؛
معالي الوزيرة المحترمة؛
..وقبل الإنتقال إلى تناول المثال الثاني ، نرجو في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، ومعنا كل أصحاب الضمائر الحية، وكل صاحب حق.. ” كل ”إنسان معاق ”، أن تكونوا قد انكببتم، بمعية فريقكم الإداري والحزبي من مستشارين وديوان وأعضائه،بجدية ومهنية ــــ وبما يقتضيه إلحاح طرح قضيتهم ـــ التي لم تعد تطيق أي انتظار ـــ لإيجاد الحلول الفورية والناجعة لها؛
السيدة الوزيرة المحترم؛
لو علمتِ مئات المكالمات والرسائل التي توصل بها عبد ربه، شاكرة تناول المنتدى الوطني لحقوق الإنسان ،لقضية عريضة وثقيلة، عرض هذه الشريحة المقصية/المنسية الممتدة امتداد المجال الترابي للوطن.. وثقيلة، ثقل مصاريف وأعباء تهد هامات الجبال، قبل طاقات أسرٍ وعائلاتٍ أفقر من الفقر ذاته..
لو علمتم معاليكم بذلك، لذبتم خجلا.. إن كان بقي في مسؤولينا شيء اسمه الخجل !
.. وهنا لا بد من فتح قوسين، للإشارة إلى الأرملة المسكينة ”حليمة إحتاسن”، أم الأربعة أطفال ـــ والتي أخذتها الشهرة إلى مستوى قد يفوق شهرة ” الوزيرة الحقاوي””، رغم شهرة هذه الأخيرة الكبيرة، التي خلفها تصريحها السابق، المعروف ”بتصريح 20 درهم”..
حليمة هذه، سبب شهرتها يعود إلى فقرها وحاجتها، وقِصَر يدها.. وكسر أربع فقرات بعمودها الفقري.. حليمة المسكينة هته ــــ وغيرها كثيرات.. محرومات.. منسيات.. مقصيات.. لا عِلْم لهن بأن هناك وزارة مختصة تُعنى بمشاكلهن واحتياجاتهن.. ولو على الورق ــــ رقم آخر من المعاناة والفقر، يفند بقوة وفي صمت، ” نظرية 20 درهم”، المُفنِّدة للفقر، بكل استخفاف واستغراب.. !!!
وهنا ـــ وتمشيا مع الحديث الشريف ” من لا يشكر الناس، لا يشكر الله”، لابد من شكر السيد عامل إقليم أزيلال ، والمحسن الذي تدخل لجانبه، لتحمل نفقات العملية الجراحية التي أجريتْ لها، بمدينة مراكش .. وبالتالي إنقاذ أبنائها الصغار من اليتم الشامل .. من التشرد.. وفي أحسن الأحوال .. من ولوج إحدى مؤسسات الرعاية الإجتماعية على علتها ؛
وقد كان أولى، السيدة الوزيرة المحترمة؛ وأنت المسؤولة الأولى ، عن الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، أن تكوني أُولى ، مَن تتخذ بادرة التكفل بالسيدة المسكينة ”حليمة إحتاسن”، وبأبنائها، خاصة وأن الجميع يعلم، أن كل الوزارات ــــ بما في ذلك ”الوزارت العديدة المتجمعة في القطاع الذي تشرفين عليه” ـــ تتوفر ـــ إلى جانب الميزانيات العامة الضخمة المرصودة لها ــــ على ”صناديق سوداء ”، لمواجهة الطوارئ والحالة الإستثنائية؛
.. أ وَ لَمْ تكن حالة هذه الأرملة المسكينة، بفقراتها الأربع المكسورة.. وبجناحها المكسور.. وأبنائها الأربعة الذين لا معيل لهم سواها..وبفقرها وحاجتها، حالة استثنائية، تفرض تدخل معاليكم، وصندوقكم الأسود؟
كما أنه ليس باستطاعة أحد، أن يبرر عدم تدخل معاليكم، لكونه راجع لعدم علمكم بالموضوع.. إذ أن الكل يعلم تمام العلم أن ”حزب الأكثر أقلية ” ـــ الذي تنتمين إليه ــــ ينشط خاصة في المناسبات الدينية، من خلال قفة رمضان ، على سبيل المثال لا الحصر، بحيث يحصي الفقراء والمحرومين..
وعليه، فكيف غاب عن ممثليكم، في هذا الإقليم المنسي la province oubliéeـــ على حد تعبير الصحفي المتميز خالد الجامعي في إحدى مقالاتها ـــ .. هذا الإقليم الطيب أهله.. هذا الإقليم الفقير أهله.. هذا الإقليم الذي يفند ”نظرية 20 درهم”، تفنيدا.. طولا وعرضا.. قلبا وقالبا !! ؟؟
معالي الوزيرة المحترمة؛
اعتذر عن هذه المقدمة، التي لم تكون مبرمجة من قبل، ولكه وبحكم حَمْل المنتدى الوطني لهَمِّ الوطن.. وبحكم قربه من نبض الشارع، وتفعيلا لمقولة ” لكل حادث حديث”..
فقد كان من الجبن أن نغفل الحديث، عن معاناة أرملة، اشتهرت بترملها، وفقرها، وكسر أربع فقرات بعمودها الفَقَرِيِّ.. مع بقاء ”عمودها الفَقْرِيِّ ” متجبرا.. متسلطا فوق رؤوس صغارها الأيتام..
وبالمقابل فقد كان من ذماثة الخلق، أن تتقدم كل مكونات المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، بالشكر الجزيل لمن بادر بالقيام بواجبه، وتقديم المساعدة الضرورية ”لحليمة إحتاسن”، السيدة المسكينة/المشهورة، شهرة الوزيرة، وإن كانت شهرتها عادية، من غير أجرِ.. ومن غيرِ تعويضات.. ومن غيرِ امتيازات.. ومن غيرِ تقاعد الوزيرة، الذي نجدنا ـــ مرة أخرى في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان ــــ رافضين له، ولكل تقاعد الوزراء والبرلمانين، رفضا قاطعا، بل ومصرين على إسقاطه إسقاطا إن عاجلا أم آجلا؛
معالي الوزيرة المحترمة؛
مثالنا الثاني ، ومحور هذه الرسالة المفتوحة، كما هي قلوبنا مفتوحة ــــ ونحن نفكر بصوت مرتفع، خوفا على هذا الوطن من أي تصدع ـــ يتعلق بمؤسسات الرعاية الإجتماعية؛ ودور الأطفال، كنموذج مصغر لمصير مجهول ، يتوعد النزلاء وشغيلة القطاع، على حد سواء:
وسأتوجه مباشرة إلى الهدف، بعد إذنكم معالي الوزيرة المحترمة، لأحط الرحال ، في دار الأطفال البرنوصي، حيث النقابة التابعة لحزبكم، ”حزب الأكبر أقلية ”، ما فتئت تقوم بالوقفات الإحتجاجية.. داخل ”قاعة انتظار كبرى”، مُطالِبة بأبسط شروط العيش الكريم للشغيلة والنزلاء.. تحركات نضالية على مختلف الواجهات، تقابل بصمت القبور من طرفكم كسلطة وصية، رغم المقالات الصحفية والفيديوهات التي غزت المواقع الإجتماعية..
فإذا كان الأمر كذلك، بالنسبة لمطالب عادلة ومنطقية، ولا تتجاوز الحد الأدنى،لنقابيات ولنقابيين تابعين لحزبكم.. ومع ذلك لَمْ يلقوا أي تجاوب فعلي/إيجابي منكم، رغم أنكم تمارسون سلطة الوصاية على مؤسسة التعاون الوطني.. كما أنهم لم يلقوا أية استجابة من حزب ”الأكبر قلية”ـــ الذي تنتمون إليه ـــ وأنتم تترأسون الجهاز التنفيذي، فماذا بالنسبة للنزلاء وغيرهم، والذين لا تربطهم بالنقابة، أو الحزب أية صلة ؟
بالله عليكم، أخبروني كيف أن حزبا يترأس الحكومة، لم يستطع حتى تلبية مطالب بسيطة ومشروعة، لشغيلة تابعة له.. فكيف تنكر هؤلاء الحزبيون لنقابيين، وإن كانوا في مطلع هذا الشهر، قد خرجوا إلى جانبهم، في احتفالات محتشمة لفاتح ماي، للإحتجاج ضد أنفسهم.. فعلا كانت احتفالات محتشمة، احتشام الوقفة التضامية الأخيرة بالرباط مع أهالينا بغزة. تلك الوقفة التي عبر عنها أحد أصدقائي بسخرية غير مسبوقة، حين قال لي :” أتظن أن من لبَّوْا دعوة حضور هذه الوقفة، كانوا قلة قليلة ؟ .. أصلا لم يستجب أحد للعاة إلى هذه الوقفة.. وبالتالي ، وكل ما في الأمر، أن التجمع الذي تم تناقله على صفحات الفضاء الأزرق. يتعلق بحادثة سير بين مسؤول جامعي ودراجة هواية، محتجة على مهزلة طواف المغرب الأخير، الذي أهين فيه دراجون مغاربة، يحملون القميص الوطني .. كانوا ملزمين ـــ فيما هم ملزمين به ــــ بشراء قنينات ماء لإطفاء عطشهم.. وهي نفس القنينات التي تُشْحَنُ اليوم في ظل هذه ”المقاطعة الطاهرة” ــــ على نفقة دافعي الضرائب.. كي تصل إلى دول أوروبية حيث تباع لهم ب 10 دراهم.. ليس للقنينة الواحدة.. بل ل06 قنينات من حجم 1.5 لتر للواحدة.. !!!”؛
.. دار الأطفال البرنوصي : موقعٌ استراتيجي ، يسيل لعاب لوبي العقار ، الذي يملك قلبا من الخرسانة المسلحة، وشرايين متصلبة من الفولاذ.. لوبي العقار هذا، يروج أنه يحلق فوق هذه البناية/المَعْلَمَة، تحليق العُقْبان الكاسرة.. الجائعة، ويحوم بها حومان الضباع القذرة.. لوبي العقار هذا، مستعد ـــ كما جُبِلَ على ذلك ــــ أن يبيع عرضه وشرفه ــــ إن كان له شرف أصلا ــــ وأن ينهج كل ”الطرق الميكيافيلية”، لطرد الشغيلة والنزلاء على حد سواء، كي يضيف هذه البناية، إلى قائمة طويلة من البنايات التي تم الإستحواذ عليها، بطرق ملتوية، وفي واضحة النهار؛
معالي الوزيرة المحترمة؛
من أين نبدأ الحديث، ولوبي العقار/لوبي الفساد، قد كشف عن أنيابٍ لاتدع ولا تذر..؟
غير خاف على معاليكم، العناية الملكية التي تحف نزلاء، مؤسسات الرعاية الإجتماعية بصفة خاصة، والعمل الخيري بصفة عامة، على اعتبار أنها أهم قنوات ”الإدماج المجتمعي” ، كما نص على ذلك دستور 2011، وكذا القانون رقم 05/14 المنظم لدور الرعاية الاجتماعية ؛
دار الأطفال هته، السيدة الوزيرة المحترمة، ومنذ تأسيسها سنة 1986، وهي تستقبل جيوشا من الأيتام والمتخلى عنهم، موفِّرة لهم ـــ وحسب الإمكانيات المتاحة ــ ظروف عيش كريم، بما في ذلك التأطيرٍ التربوي، ومواكبة المسار الدراسي لأبنائها، والمساهمة في إدماجهم مهنيا في المجتمع؛
وها هي اليوم هذه المؤسسة، قد بات من المؤكد ـــ في ظل ظروف تعج بالإشكاليات، والغموض، وغياب محاور مسؤول معين بذاته ـــ أنها ”مؤسسة متخلى عنها” هي الأخرى.. لتنضاف إلى نزلائها المتخلى عنهم.. ولتصبح الصورة ـــ وفي ظل صمت رهيب ”لوزاراتكم” ــــ مختزلة في عبارة: ” تشبث غريق بغريق ” !
266 نزيلا ـــ دون احتساب مؤسسة دار الأطفال البرنوصي ـــ أغلبهم متخلى عنهم قد أصبحوا مهددين بالطرد.. برميهم إلى الشارع، بعد أن تجاوز جزء كبير منهم السن القانونية التي تُخول لهم المكوث داخل أسوارها، والإحتماء بها من ”شارع غول ”، يَتحيَّن الفرصَ بكل مطرود، لجره إلى براثين الانحراف والجريمة؛
إن حالة اليأس والخوف والترقب، التي يعيشها نزلاء، يتهددهم قانون جاف، لا مكان للعواطف فيه ــــ وأنت أدرى، معالي الوزيرة المحترمة، الخبيرة في هذا الميدان بحكم تخصصك ــــ لن يساهم إلا في تفاقم أوضاعٍ، هي أصلا متفاقمة، إن لم تكن منتجة، بل و مصدرة للتفاقم أصلا !!! :
o الفراغ الإداري، والمتمثل في غياب وجود محاور معروف بذاته، يمثل كل المتدخلين الإدارين، خاصة من جانب الجمعية المسيرة؛
o الفراغ القانوني، الناتج عن التلويح باستقالة المكتب المسير، في وضع غير مفهوم، حتى بالنسبة لكل المتدخلين (إدارة وصية، وجمعية، وأطر تربوية.. وشريك اجتماعي ، ونزلاء.. ورأي عام بيضاوي ووطني ).. إذ كيف تُقدم استقالة، دون احترام المقتضيات القانونية، والضوابط والأعراف الإدارية، بما في ذلك تدارسها وقبولها من عدمه، خاصة وأن المسألة تتعلق بتسيير ميزانيات، وتدبير عنصر بشري إداري/ تربوي.., ونزلاء لا ذنب لهم، سوى أنهم متخلى عنهم.. وإن كان الوطن رحيما، ومن الفروض فيه ألا يتخلى هو الآخر عنهم !
o تراجع الموارد المالية لدار الأطفال بشكل خطير، ومنذ أزيد من 5 سنوات ـــ رغم دق ناقوس الخطر ، لمرات، ومرات، ومرات ــــ مما ساهم في ظهور إختلالات على مستوى التدبير المالي ، خاصة وأن مجموعة من الفاعلين الإداريين المساهمين، قد أحجموا عن الوفاء بالتزاماتهم، اتجاه هذه المؤسسة ؛ والنتيجة ديون فاقت 2 مليون درهم، في ذمة دار الأطفال هته، لفائدة شركة ”لديك”.. وينضاف إليها دين آخر لفائدة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي ، تجاوز مليون درهم.. هذا علاوة على أن أجور المستخدمين الشهرية، وكذا مستحقات الممونين، إضافة إلى مصاريف تنقل النزلاء نحو المعاهد التي يتابعون فيها دراستهم.. وكذا مأكل ومشرب وتطبيب.. قد أضحت مسألة تؤرق الجميع ، وتنذر بكارثة اجتماعية غير مسبوقة؛
.. وأمام هذا الوضع الشاذ بامتياز ، يتبادر إلى الأذهان، سِرب من الأسئلة الآنية والملحة، التي تضع الوزارة الوصية بدرجة أولى، إلى جانب السلطات المحلية، على محك حقيقي ، ولتحاصر بالمناسبة كل مسؤول، داخل موقع مسؤوليته، باحثتة عن حلول حقيقية، لا ترقيعية، من أجل ضمان عيش كريم لكل أبناء الوطن.. عيش يجعل النزلاء والمستخدمين فخورين بانتمائهم لهذا الوطن..
وتبقى أبرز هذه الأسئلة، والتي تشغل بال الجميع، مستخدمين، ونزلاء، ورأيا عاما، والتي نلح اليوم ـــ وأكثر من أي وقت آخر ــــ على طرحها في المنتدى الوطني لحقوق الإنسان، بحكم مسؤولياتنا الحقوقية، كقوة اقتراحية، ذات رؤية استباقية، وذلك من خلال الجزء الثاني من هذه الرسالة المفتوحة إلى معاليكم، وإلى كل الفاعلين والمتدخلين الذين يهمهم الأمر :
· ما هي التدابير الآنية التي قمتم بها، معاليكم، والمؤسسة التابعة لوصايتكم، لإصلاح الخلل المبين أعلاه، وتدارك النقائص والهفوات، التي طالت مجال التسيير والتدبير ، إن على مستوى الموار البشرية أو الموارد المالية، والبحث عن موارد إضافية، لسد العجز، الذي من المنتظر بقاؤه بهكذا وثيرة، أن يعصف بدار الأطفال، خالقا أزمة اجتماعية واقتصادية، لا الشعب ولا الحكومة، لهما الصبر على مقاومة ومنع انفجارها؟
· إذا كان القانون يقيد الحد الأقصى في 25 نزيل بالنسبة لكل مجموعة، وإذا كانت دار الأطفال البرنوصي، تغرد خارج السرب القانوني، باعتمادها مربي واحد لكل مجموعتين على الأقل ؛ فحبذا لو نعرف رأيكم في الموضوع بكل موضوعية ؟ وبالتالي ما هي التدابير الآنية، التي تعتزمون القيام بها ؟ وإذا كنتم تطبقون القانون، بخصوص هذه النقطة، بهكذا مرونة، أ ولم يكن أجدر بكم تَلْيِين القانون بالنسبة للنزالاء الذين تجاوزوا سن الثامنة عشرة، وهم ما يزالون يتابعون دراستهم ؟
· ما ذا عن عدم احترام الجمعيات المسيرة لمؤسسات الرعاية الإجتماعية، لبنود ومضامين دفتر التحملات، جمعية دار الأطفال البرنوصي نموذجا ؟
· ماذا عن الخصاص الكبير، الذي تعيشه دار الأطفال البرنوصي ،على مستوى الأطر التربوية، بحيث أن كل مربي يضطر إلى تلبية متطلبات مجموعات إضافية، إلى جانب تكلفه بمجموعته، وهو أمر مُضنٍ وشاق ، إلى جانب كونه تطوعي ومجاني، وذلك في ظل ظروف اجتماعية بئيسة ؟
· ماذا أيضا ، السيدة الوزيرة المحترمة، عن ”طباخ يتيم” لفيلق متكون من 266 نزيل .. في الوقت الذي يبقى فيه الرقم المنطقي هو طباخان ـــ على الأقل ــــ لعدد مهم من النزلاء مثل هذا ؟..
هذا مع العلم أن عملية إعداد وطبخ الطعام، وتقديميه، وتنظيف الموائد والمكان وغسل الصحون، تتطلب منذ زمية تمتد ما بين السادسة صباحا، والعاشرة وليلا..
· وماذا كذلك عن رقم آخر لا يُحترم، ويتعلق بمساعدة طباخ واحدة لكل 25 نزيل، في حين أن ”دار الأطفال الإستثنائية هته في كل شيء”، حتى في الفوضى والإرتجالية والتسيب الذي تسير به، تتوفر فقط على 5 مساعدات طباخ، لفيلق يتكون من 266 نزيل ؟
· ويبقى بيت القصيد، بالنسبة لشغيلة ”دار الأطفال الإستثنائية ” هته ـــ إن لم نقل الفضيحة الكبرى ـــ يتمثل في غياب كل مؤشرات الكرامة الإنسانية: هزالة الأجور، إلى حد الخجل، بحيث هناك من قضى أزيد من 24 سنة عمل بهذه المؤسسة، وان أجره لم يتجاوز 2800 درهم.. مبلغ قد تصرفيه ــــ بصحتك وراحتك ــــ على ”وشاح واحد، مُوَقَّعٍ”، تضعينه على رأسك..أجور هزيلة، لا تواكبها حتى مراجعة التصريحات لدى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، وذلك غياب تتبع وتدقيق في الموضوع لزميل لكم ”في حزب الأكثر أقلية”، وفي الحكومة، مسؤول عن قطاع التشغيل.. وكأنه ”لا كبد له” ــــ كما نقول بالدَّارِجَة ـــ على هذه الشغيلة المناضلة، والمسحوقة.. أجورها لا تتماشى والقدرة الشرائية، للمواطن المغربي المسكين ــــ الذي ما فتئت الحكومة التي تنتمي إليها معاليكم، تتفنن في سلخ جلده عن لحمه ــــ إن أبقيتم فيه عن لحم ـــ بقرارات لا شعبية.. قرارت تخدم الباطرونا الجشعة.. وما قرار السيد رئيس الحكومة بمنح صفة المنفعة العامة لشركة سَهام لصاحبها/زميلكم ــــ قُبيل بيعها ـــ وتفويت عشرات المليارات على خزينة الدولة، إلا نموذجا واحدا من بين عشرات النماذج، التي تكشف بالواضح والملموس، أن البرلمان والحكومة في واد.. والشعب المسكين في واد آخر.. فإلى متى هذا الطمع والجشع ؟
· أ مَا علمتِ، سيدتي الوزيرة المحترمة، بأن دار الأطفال بالبرنوصي، لا يتوفر أحد بها على ”بوليصة التأمينPolice d’Assurance”، رغم المخاطر؟.. وما أكثرها !!.. بل ولا وجود للبطاقة المهنية !!
· أَ وما تدرين، معالي الوزيرة المحترمة، أن دار الأطفال البرنصي، لا تتوفر على هيئة مهمة وضرورية، لها دور مهم في التسيير السليم لهذا المرفق، ويتعلق ”بمجلس تدبير المؤسسة”، على اعتبار أنه ــــ يضم فيما يضم ـــــ ممثل الأجير وممثل ولي أمر النزيل ؟
· وبخصوص عدم تعويض الأجراء عن العمل ، أيام الأعياد الدينية والوطنية، أ فلا ترين سيدتي الوزيرة المحترمة، أ لا ترين أن ألا/ر يعود بنا إلى العصور البائدة.. عصور العبودية، واستعباد الناس ؟.. والحالة هته، وانسجاما مع ديننا الحنيف، سأكتفي بتذكيركم ”بالعبارة العمرية” المشهورة : ” متى استعبدتم الناسن وقد ولدتهم أمهاتهم أحرار ؟ ”
معالي الوزيرة المحترمة؛
بقي شيئان لا بد من الوقوف عندهما:
الشيء الأول : يجب ألا ننسى أن تضحيات الشغيلة التابعة لمؤسسات الرعاية الإجتماعية عامة، و تضحيات شغيلة دار الأطفال البرنوصي ، بصفة خاصة ـــــ رغم انعدام الإمكانيات والحوافز، وظروف العيش الكريم ــــ يرجع لها الفضل ، بعدالله سبحانه وتعالى ، في حصول العديد من النزلاء على شهادات عالية، من قبيل الماستر والإجازة، وديبلومات مهنية مهمة؛
الشيء الثاني : وبه نود أن ننهي هذا الموضوع الاجتماعي.. المجتمعي.. الأخلاقي.. الإنساني ..النفسي الشائك؛ وهو طلب على شكل ملتمس ، أن تنزلي من برجك الوزاري العاجي، وأن تقضي 24 ساعة كنزيلة داخل إحدى دور الأطفال، علك تحسين بالحرمان العائلي الذي يعيشه النزل، وتتذوقين طعم الذل التي يتجرعه عن مضض مستخدمو هذا القطاع؛
وفي انتظار التفاتة إنسانية.. فعلية وحقيقية، بعيدا عن أية ديماغوجية، أو دغدغة لمشاعر”للإنسان في وضعية إعاقة”، إلتفاتة ـــ تهم فيما تهم ــــ مؤسسات الرعاية الإجتماعية، هي الأخرى، والتي ينقصها الكثير ؛ أرجو أن تتفضلوا معالي الوزيرة المحترمة، بقبول أسما عبارات احترام وتقدير، كل مكونات المنتدى الوطني لحقوق الإنسان ؛
الدار البيضاء في : 28 ماي 2018
التعليقات مغلقة.