آش واقع تيفي/ وكالات
“وباء غير مرئي” أشد فتكا من فيروس كورونا .
هذان ما كشفت عنه بيانات منظمة الصحة العالمية، والتي أشارت إلى أن استهلاك سكان العالم من المضادات الحيوية بشكل هائل منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وكشفت منظمة الصحة العالمية عن استخدام نحو 34.8 مليار جرعة سنويا.
وكشفت بيانات المنظمة التابعة للأمم المتحدة عن ارتفاع الاستهلاك العالمي من المضادات الحيوية قفز بنسبة 65% بين عامي 2000 و2015، محذرة من أن إساءة استعمال هذه المركبات والإفراط في استخدامها يعزز فرص ظهور الميكروبات المقاومة للعلاجات.
هذه الجراثيم ستشكل “وباءً غير مرئي” والذي ربما يكون “أشد فتكا” على المدى الطويل من فيروس كورونا، حيث تشير التوقعات إلى أنه سيتسبب في وفاة 10 ملايين شخص سنويا، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.
خطر داهم
تأتي هذه الخطورة من حقيقة أن الإفراط في استخدام هذه العقاقير يوفر مناخا ملائما للبكتيريا من أجل تطوير نفسها لتصبح أكثر قدرة على مقاومة المضادات الحيوية، و بالتالي يخشى العلماء ظهور وتفشي نوعٍ أكثرَ تطورا لا يمكن لأي مضاد أن يتصدى له.
يموت كل عام قرابة 700 ألف شخص، نصفهم تقريبا من الأطفال المولدين حديثا، بسبب عدم فاعلية الأدوية المقاومة للالتهابات، وترجح البيانات استمرار ارتفاع هذه الأرقام.
مشكلة عالمية.
الاستخدام غير المحسوب لهذه الأدوية يبدو عاملا مشتركا بين دول كثيرة، لكن مع درجات متفاوتة، فعلى سبيل المثال، تشير التقارير إلى أن المملكة المتحدة تشهد وصف 1 من بين كل 5 مضادات حيوية مستهلكة دون داع طبي حقيقي.
وفي الولايات المتحدة، فإن 1 من بين كل 3 مضادات توصف للمرضى، لا تكون هناك ضرورة لاستخدامها، لكن الأمر أسوأ بكثير في أغلب الدول العربية، حيث لا يتطلب الأمر وصفة طبية لشراء هذه الأدوية.
وكشف استطلاع رأي أجرته “بي بي سي” إلى أن أغلب المواطنين يميلون إلى شراء المضادات الحيوية من الصيدليات، بمجرد شعورهم بأعراض نزلات البرد، دون حتى استشارة الطبيب.
وقال الدكتور أحمد مصطفى، المتخصص في طب الحالات الحرجة بجامعة الإسكندرية المصرية، إن معدل مقاومة المضادات الحيوية في مصر يتراوح بين 70% و90%.
وأوضح أن 4% فقط من المضادات الحيوية التي توصف للمرضى خارج المستشفيات في بلاده، تستند إلى نتائج فحوص الزراعة المختبرية، مؤكدا أنه شهد حالات وفاة عديدة بسبب “عدوى الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية”.
ومع ذلك، يرى مصطفى أن الأمر الأكثر خطورة هو تزايد العدوى بـ”البكتيريا المقاومة لجميع أنواع المضادات الحيوية” في السنوات الأخيرة، والتي يطلق عليها أحيانا اسم “البكتيريا الخارقة”.
في حين كان يُنظر إلى الجائحة كفرصة لتسليط الضوء على خطورة الإفراط والاستهلاك غير المحسوب للمضادات الحيوية، تبين لاحقا أن تفشي فيروس كورونا تزامن مع ارتفاع حاد في استهلاك هذه العقاقير، خاصة في العالم العربي.
جهود تطوير مضادات جديدة
رغم خطورة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، تقول منظمة الصحة العالمية إن الشركات الكبرى تعزف عن الاستثمار في تطوير مضادات حيوية جديدة، وتقود الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم جهود البحث والتطوير في هذا المجال.
يرجع الصيدلي المصري، معاذ لطفي، هذا التجاهل إلى أن الأمر يتطلب جهود آلاف الباحثين لمواجهة ملايين البكتيريا التي تتحور من الناحية الجينية بشكل يومي تقريبا، إضافة إلى ملايين الدولارات لتطوير العقاقير التي ستنجح البكتيريا في مقاومتها لاحقا.
التعليقات مغلقة.