صناعة “المكاحل”.. صناعة بنادق الفروسية التقليدية تقاوم الانقراض وسط عزوف الشباب بالمغرب +فيديو

أش واقع تيفي / هشام شوراق

 

تعد صناعة بنادق الفروسية التقليدية (المعروفة بـ”المكحلة”) جزءاً لا يتجزأ من التراث الثقافي المغربي المرتبط بفن التبوريدة، هذا الفن الذي يعبر عن الأصالة والتاريخ العريق للمملكة، ورغم أهمية هذه الصناعة التي توارثتها الأجيال، إلا أنها تواجه خطر الانقراض بسبب تراجع اهتمام الشباب بها، وانخفاض عدد الحرفيين الممارسين لهذا العمل.

بنادق الفروسية، التي تُستخدم في عروض الفروسية التقليدية الشهيرة، تتطلب دقة ومهارة عالية في صناعتها، بدءاً من تقنيات تشكيل المعدن إلى النقش اليدوي على الخشب، هذه البنادق ليست مجرد أدوات تستخدم في العروض، بل تُعتبر قطعاً فنية تحمل بين تفاصيلها تاريخاً ممتداً لقرون.

في ظل العولمة وظهور اهتمامات جديدة بين الشباب، بدأ الاهتمام بهذا التراث يتضاءل، مما يهدد استمرارية هذه الحرفة، الكثير من الحرفيين يشكون من قلة المتدربين الراغبين في تعلم هذا الفن، ويفسرون ذلك بالعزوف المتزايد للشباب عن الحرف التقليدية، لصالح التكنولوجيا والوظائف العصرية.

على الرغم من هذا الواقع، لا تزال هناك محاولات للمحافظة على صناعة بنادق الفروسية التقليدية، بعض المبادرات المحلية تهدف إلى تدريب الشباب وتشجيعهم على تعلم هذه الحرفة، مع تنظيم مسابقات التبوريدة التي تسلط الضوء على جمال هذه الصناعة وأهميتها التراثية، لا يتردد علي الحدادي، وهو صانع تقليدي من مدينة فاس متخصص في صناعة بنادق التبوريدة أو “المكاحْل”، في القول بأن الصناعة التي يزاولها منذ خمسة وخمسين عاما تسير نحو الانقراض، “لأن الجيل الحالي من الشباب لا يتحمّل ما تتطلبه هذه الصناعة من جهد وتعَب”.

ورث الحدادي صناعة بنادق الفروسية التقليدية عن أجداده، ويؤكد أنه راكم خبرة كبيرة في مجال اشتغاله، قائلا: “كان والدي يدرّسني تاريخ “المْكحلة”، وقيمتها، وكيف بدأ استعمالها، فتعلقت بهذه الحرفة وزاولْتها منذ كان عمري ثلاثة عشر عاما”.

ويزاول الصانع التقليدي المتحدر من فاس حرفة صناعة “المكحلة” بنفس الحماس الذي كان يزاولها به منذ صغَره، غير أنه يتأسف لغياب خلَف يحمل المشعل مستقبلا، “فهذه الحرفة، كغيرها من عدد من الصناعات التقليدية، تتطلب من مزاولها أن يدخل إلى بيت النار، وهذا ما لا يتحمله الجيل الحالي ويتأفف منه”.

وفي هذا السياق، يدعو المهتمون بالتراث الثقافي المغربي إلى ضرورة تكثيف الجهود لحماية هذه الصناعة، من خلال إشراك الشباب في ورش تدريبية ودعم الحرفيين المحليين الذين يمثلون آخر حراس هذا التراث، تبرز أهمية الحفاظ على صناعة بنادق الفروسية التقليدية ليس فقط كجزء من التراث المغربي، بل كرمز للتاريخ والموروث الثقافي الذي يعكس قوة وصلابة الفارس المغربي عبر العصور.

صناعة “المكاحل”.. صناعة بنادق الفروسية التقليدية تقاوم الانقراض وسط عزوف الشباب بالمغرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.