أش واقع تيفي/ الرباط
يُواجه الرأي العام المغربي، اليوم، صدمة مُدوّية تكشف عن أرقام صادمة تُدين طريقة تدبير الدعم الحكومي في قطاع حيوي فالرقم النهائي للميزانيات المُعلنة لدعم الماشية، منذ تولي الحكومة الحالية، يقترب من 22.5 مليار درهم، وهو مبلغ هائل كان الهدف منه حماية القطيع الوطني وتخفيف الضغط على أسعار اللحوم الحمراء إلا أن النتائج جاءت كارثية فالأسعار لم تتأثر بالدعم، بل زادت جنوناً، فيما تبخّر المبلغ الهائل دون أن يترك أي أثر إيجابي في السوق أو على مائدة المواطن.
إن هذا الملف لا يتعلق فقط بـ “فشل” سياسة عامة، بل يلامس بحدة الشبهات الأخلاقية والمسؤولية المباشرة التي يجب أن يتحملها من ساهموا في هدر هذا الدعم.
هنا، يتبلور التساؤل المباشر والملحّ الموجه إلى “الفراقشية” تحديداً، ممن يُفترض أنهم يمثلون الأمة ويراقبون المال العام، لكنهم في الوقت ذاته قد يكونون من ضمن “لوبي الظل” الذي ابتلع الحصة الكبرى من الكعكة:
من ابتلع 13.3 مليار درهم؟
الرقم الأكبر من هذا الدعم الهائل وتحديداً 13.3 مليار درهم، ذهب مباشرة كـ إعفاءات ضريبية لجيوب المستوردين، ومن المحتمل أن يكون من ضمنهم مسؤولون وبرلمانيون إننا نطالب البرلمانيين الذين استفادوا من هذا الدعم بأن يقدموا الإجابات فوراً: لماذا لم تنعكس هذه الإعفاءات على سعر البيع النهائي للمستهلك؟ وهل تم بيع الماشية المستوردة بأسعار عادية، أم تم استغلال هذا الدعم لإعادة التهريب أو تحقيق أرباح خيالية على حساب الخزينة العامة والقدرة الشرائية للمواطن؟
إن صمت الجهات الرقابية وعدم الكشف الفوري عن قائمة الـ 277 مستورداً المستفيدين، يُضفي مزيداً من الشكوك حول طبيعة هذه الصفقات ويضع مصداقية العملية التنموية برمتها على المحك.
الشعب المغربي لا يطالب بـ “رسالة اعتذار”، بل يطالب بتحديد المسؤوليات الإدارية والسياسية عن هذه الكارثة الاقتصادية لقد حان الوقت لوقف سياسة دعم الأغنياء وتوجيه المليارات لدعم القطاع الخاص المحظوظ، وضرورة تدخل النيابة العامة فوراً لفتح تحقيق شامل يكشف خيوط هذه الفضيحة التي أفقرت الخزينة وزادت من جنون أسعار اللحوم، ويضمن أن يتحمل كل متورط العواقب الكاملة لهذا الإهمال والاستهتار بالمال العام.
تعليقات
0