أش واقع تيفي / هشام شوراق
تستعد مدينة أزمور التاريخية لتكون منصة إشعاع دولي مع الإعلان عن انطلاق الدورة الثالثة لمهرجان “أزاما آرت للفن والثقافة”، تحت شعار “الثقافة روح التنمية والفن نبض التغيير”، هذا الموعد الثقافي السنوي يرسخ مكانته كـ رافعة استراتيجية للتعريف بقيمة المدينة الحضارية والفنية، بعد النجاح الملموس الذي حققته الدورات السابقة على المستوى الوطني والإقليمي، بفضل تضافر جهود الجماعة الترابية لأزمور والجمعيات المحلية الفاعلة.
يُسجل المهرجان انخراطاً مؤسساتياً ضخماً، حيث يُقام بشراكة بين الجماعة الترابية وجمعية غوتة لفنون أزمور والجمعية الإقليمية للشؤون الثقافية بالجديدة، هذا التعبئة المؤسساتية مدعومة بقوة من وزارة الشباب والثقافة والتواصل، وجهة الدار البيضاء–سطات، إلى جانب دعم المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، مما يؤكد الاعتراف الرسمي بدور الثقافة كـ محرّك أساسي ضمن الأجندة التنموية الوطنية.
تفتتح فعاليات المهرجان بالمرحلة الأولى (24 – 29 نونبر 2025) التي تُعدّ مشروعاً فنياً جريئاً يستهدف إنجاز جداريات نوعية بالمدينة القديمة، الأهمية الاستثنائية لهذه المرحلة تكمن في روح التعاون بين الشعوب التي تتجسد بمشاركة أكثر من 36 فناناً من المغرب وخارجه، بالإضافة إلى الإمكانية المطروحة لمشاركة طلبة مدرستي الفنون الجميلة بالدار البيضاء وتطوان، مما يخلق بوتقة فنية لتبادل الخبرات وتعميق الفكر الإبداعي لدى الأجيال الصاعدة.
تنتقل الدورة إلى بعدها الفكري في المرحلة الثانية (19 إلى 22 دجنبر 2025)، عبر تنظيم ندوتين علميتين محوريّتين، الأولى تُعنون بـ “الثقافة والرياضة: رافعتان أساسيتان للتنمية”، والثانية تتناول “التشكيل بين المحلي والعالمي”، هذا التوجه يُرسخ مكانة المهرجان كـ منبر لإنتاج المعرفة، يجمع أساتذة، باحثين، ونقاداً لـ تفكيك الإشكاليات الثقافية وطرح رؤى مستقبلية تتجاوز البعد الاحتفالي البحت.
يكتسب المهرجان هذا العام دلالة وطنية مضاعفة، حيث يتزامن توقيته مع الاحتفال بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء، والذكرى السبعين لعيد الاستقلال المجيد، وفرحة إعلان عيد الوحدة، هذا التزامن، الذي عبّر عنه رئيس الجماعة الترابية بتفاؤل كبير، يربط الفعل الثقافي مباشرة بـ إرث الذاكرة الوطنية، مؤكداً أن الفن هو امتداد طبيعي للمسار التنموي والوحدوي للمملكة.
تتجاوز المشاركة الدولية في “أزاما آرت” حدود الزيارة العابرة، إذ تُعد فرصة محورية لـ تعميق الوعي الحضاري المشترك بين الشباب المغربي ونظرائه الدوليين، فمن خلال العمل المشترك على الجداريات والمشاركة في النقاشات الفكرية، يتم كسر الحواجز المسبقة وإطلاق العنان للحوار البنّاء حول التحديات العالمية والمحلية، مما يُعلي من قيمة المهرجان كـ جسر للتفاهم بين الشعوب.
يعول المنظمون على أن تكون هذه الدورة محطة نوعية من حيث مستوى العمل التشاركي وحجم المستفيدين، مع التزام ثابت بـ إبراز الخصوصية الثقافية والحضارية الفريدة لمدينة أزمور، وفي سياق الثقة في نجاح الموعد، أشار رئيس الجماعة الترابية إلى أن مدة هذا الحدث الفني قابلة للتمديد في الدورات القادمة، وذلك بالنظر للإقبال الجماهيري والفني المتزايد، مما يشي بنجاح المهرجان في تحقيق استدامته الفنية والاقتصادية.
انطلقت الترتيبات النهائية للحدث من خلال الندوة الصحفية التي عقدت بمنتجع مزغان، والتي لم تقتصر على عرض التصورات المادية والمعنوية وحسب، بل تحولت إلى منتدى مصغّر لمناقشة واقع أزمور وآفاقها المستقبلية في ظل إطلاق مشاريع تنموية جديدة، إن “أزاما آرت” يعلن نفسه بذلك قوة دفع فنية تؤكد أن الفن والثقافة هما القاطرة الحقيقية لدمج الشباب في مسيرة التنمية والنهوض الشامل.
