ان اشكالية تقديس الرقاة الشرعيين يدعو للتأمل وفهم ثنائية الإجلال و الإغفال، التبجيل و التقاعس، التمجيد و الإزدراء. ففي أوساط مجتمعاتنا يتشبع المجتمع من كيل الثناء و الإلمام بهالات التمجيد وتقديس لرقاة تنادوا في إصباغ صفة الشرعية على الرقية, مما أصبح التفريق بين الراق الشرعي و الجهلة المشعوديين الدجالين يشكل عائق عند جل أفراد المجتمع ، وكل هذا نتيجة الجهل الشديد التي ابتليت به هذه الأمة ومن المعرفة و النباهة و الإدراك الجارم أو المشوه لواقع وحقيقة الرقية الشرعية. لذا فهؤلاء الدجالين يصطادون بمجموعة من الأدوات نقود الجهلاء و الفقراء من أجل مصالحهم الشخصية. فكلام الله تطمئن به القلوب ويبعث الراحة و السكينة الى النفوس فهو قوة روحية شفائية ولا حاجة للمؤمن أن يعتمد على اختصاصي في قراءة كلام الله جل جلاله، بل يكفي أن يقرأ بنفسه آيات و ادعية يناجي بها الله بطريقته. لكن الجهل الذي أصاب مجتمعنا و غياب التحسيس والتوعية الطبية ترك المجال لهؤلاء المشعوديين الذين يتاجرون بالقرآن الكريم تحث غطاء الشرعية الدينية، وبالتالي ينشرون الخرافات و الشعودة و يزينها برداء الدين. فهذا النصب أصبح علم مسلم به بين سائر الناس،فالمسمى “الراقي” أصبح يعالج الصرع و السحر و كل الأمراض حتى العضوية منها،والعلاج بهذه الطرق الهمجية يجعل بعض الأمراض تتطور لمراحل خطيرة ويفوت الاوان على التدخل العلاجي الطبي الناجع، فالرقية الشرعية يستغلونها لإنقاد العالم من الأمراض و يخلصوا الناس من الأوجاع و الام النفسية و الجسدية، وبالتالي لم يعد الفرد يفرق مابين شيخ متمكن من أصول الرقية أو من يتاجر بها. فقد تحولت الرقية الشرعية لحلبة و لمراكز للتعديب وأصبح ما يسمى “الراقي” يستعمل فيها العصا لإخراج الجن من جسد المريض ، ولم نجد تفسير لهذه الظاهرة لأن آيات الله عزوجل ان لم تتمكن من إخراج الجن، فكيف لعصا تكسر على الجسد أن تخرج منه هذا الجني، وهناك الاغتصاب وكشف العورة وانتهاك الشرف و الخلوة و غيرها (…).وما يثير الجدل أصبحنا نرى هؤلاء الدجالين المشعودين يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لحرفتهم عبر صفحات لتنال مشاهدات بالجملة وذلك عن طريق استعراض قدراتهم الخارقة وإزالة السحر وتقديم علاجات ومشاهد كارثية لا تحترم خصوصية المصابين أو من يدعي الاصابة لترويج هذه الصفحات وجلب زبناء جدد ،وهذه الطقوس و المشاهد مايمكن القول عنها بدائية همجية(…). فلا نقلل من الرقاة فهناك الرقاة أتقياء و مخلصون يعملون وفق ما تنصه الشريعة والدين هدفهم الترويج عنهم دون مقابل يذكر. فهؤلاء الدجلة ينتشرون وبكثرة في ظل غياب للمؤسسات التي تأطر المجتمع، وتقديم خدمات صحية في المستوى.لذا فنهضتنا لن تكون الا بالعلم الصحيح وانتكاستنا لن تكون الا بالعلم الفاسد الكاسد، فهل نسمح لهؤلاء الدجلة بتسويق بضاعتهم الخربة لأجل تحقيق حشو دماغي وجوده لا ينفع ولا يضر ؟
سفيان الهائلي
التعليقات مغلقة.