تحل ذكرى يوم 14 يناير هذه السنة وقد مرت خمس سنوات على بداية طي الأمة العربية صفحة حقبة طويلة من الزمن، عاش فيها العرب على هامش التاريخ والعصر زمنا طويلا، انتهى بها إلى السقوط الحضاري والمعرفي والأخلاقي تحت سلطة حكام مستبدين من القرون الوسطى.
وقد حققت تونس قصب السبق بثورتها المجيدة على أسوأ طاغية عرفته البلاد عبر تاريخها الطويل، وقد تظافرت عدة عوامل جعلت شعب تونس يحقق المعجزة التي عجزت عنها كل الشعوب العربية، يبقى أهمها انفتاح الشعب التونسي على الحضارة الغربية وقيمها وخاصة الحرية والديمقراطية، وذلك بسبب انتشار التعليم الذي أرسى أسسه الإستعمار الفرنسي وحافظ عليه الرئيس السابق الحبيب بورقيبة بحكم تكوينه الغربي.
كما أن تونس عرفت ظاهرة كبيرة للتمدن بحكم اتباع البلد للتوجه الليبرالي بعيدا عن الشعارات الغوغائية التي رفعها الحكام العرب عن الإشتراكية وتأميم القطاعات الإقتصادية.
ورغم الإستبداد والقمع المخابراتي الشرس الذي مارسه نظام بن علي في حق التونسيين، فقد استغل هذا الشعب أول فرصة أتيحت له وتمكن من اقتلاع أعتى نظام بوليسي يحصي أنفاس المواطنين، بالخروج في مظاهرات ومسيرات في الشوارع والساحات العامة بشكل سلمي، بشكل فاجأ حتى الغرب الذي كان يعتبر أن العرب كائنات لا تعيش إلا تحت أحذية الطغاة والمستبدين.
ويكفي تونس فخرا أنها كانت النموذج الذي سار عليه المصريون واليمنيون والسوريون، والتي رغم طول منحة شعوبها وتواطؤ المنتظم الدولي لإفشال ثوراتها المجيدة، فإنها منتصرة لا محالة،
وإن غدا لناظره قريب..
التعليقات مغلقة.