محمد ماكري / مدير نشر جريدة أش واقع
لابوبو .. دمية بشعة تحكم العالم بملايين المعجبين : مرحباً بكم في زمن العبث
في زمننا الحالي، يبدو أن الترند تحول إلى ما يشبه مرض العصر، أو حتى “سرطان نفسي” ينخر العقول قبل أن تنخر الأمراض الخبيثة الأجساد. يكفي أن نلقي نظرة سريعة على مواقع التواصل الاجتماعي لنرصد حجم الانبهار المرضي بكل ما هو “رائج” حتى وإن كان بلا معنى ولا قيمة حقيقية.
وخير مثال صارخ على هذه الظاهرة ما تعيشه حالياً دمية “لابوبو“، التي تحولت في وقت قياسي إلى حديث العالم بأسره. هرع الناس من مختلف الأعمار والطبقات لاقتناءها أو على الأقل التقاط صور معها، لا لشيء إلا لرفعها على صفحاتهم الإلكترونية مرفقة بعبارات من قبيل: “شوفوني عندي لابوبو”.
والمفارقة العجيبة أن هذه الدمية لا تحمل في ذاتها أية قيمة جمالية أو فنية تميزها عن غيرها من الدمى التي عرفناها عبر الأجيال؛ بل إن تصميمها في نظر الكثيرين قد يبدو غريباً، بل وحتى “بشعاً” بالمقاييس التقليدية للجمال الذي اعتدناه في عالم الألعاب والدمى. ومع ذلك، فإنها لاقت رواجاً جنونياً وصل حد الجنون، وبيعت بأسعار خيالية تقدر بآلاف الدراهم.
ما الذي يحصل إذن؟ إنها ببساطة ظاهرة “التقليد الأعمى” التي تضاعفت بشكل مهول مع هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي على حياتنا اليومية. صارت صورة الشخص مع “الترند” أهم من مضمون الترند نفسه. لم يعد الناس يسألون: ما معنى هذا الشيء؟ ما قيمته؟ ما جدواه؟ بقدر ما أصبح شغلهم الشاغل هو الركض وراء كل جديد، حتى لا يُقال عنهم إنهم “خارج الموجة”.
لابوبو ليست سوى عرض من أعراض هذا الوباء الثقافي الذي يعكس في عمقه أزمة فراغ داخلي كبير لدى الكثيرين. إنه إدمان على الظهور والتباهي اللحظي ولو على حساب الذوق، القيم، وحتى المال. إنه هوس الاعتراف الاجتماعي الزائف: يكفي أن يراني الناس في صورة مع “الترند” لأشعر بأنني موجود وأساير الموضة.
إن ما يحصل مع لابوبو، وقبلها مع العديد من الظواهر المشابهة، يدق ناقوس الخطر حول تأثير الترندات على تفكير الأفراد والمجتمعات، ويحتم علينا التفكير في كيف نعيد الاعتبار للوعي النقدي، للذوق السليم، وللتمييز بين القيمة الحقيقية والقيمة المصطنعة.
تعليقات
0