محمد ماكري / مدير نشر جريدة أش واقع
من يتأمل في سلوك الإسلاميين، سواء داخل التنظيمات أو بعد مغادرتها، يلاحظ بسهولة أن القاسم المشترك بينهم هو رفض الرأي المخالف وشيطنته. الحركات التي طالما رفعت شعارات “الشورى” و”الحرية” و”العدالة”، تسقط عند أول صوت يجرؤ على الخروج عن النص. هم لا يرون أنفسهم فاعلين سياسيين، بل وكلاء عن الله، يحتكرون الحقيقة ويمنحون صكوك الوطنية والإيمان لمن شاؤوا.
حتى من خرج من عباءة هذه الحركات، غالبًا ما يحتفظ بنفس البنية الفكرية: عقلية التنظيم، كراهية النقد، ورفض المراجعة. فالفكر الإقصائي لا يسقط بالاستقالة، بل يحتاج إلى قطيعة معرفية وجذرية، وهو ما لا يملكه كثير ممن غادروا التنظيمات الإسلامية ليعيدوا إنتاج نفس الخطاب ولكن بقوالب جديدة.
عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة الأسبق، يقدم النموذج الأوضح لهذا المنهج. في خطابه يوم فاتح ماي 2025، وأمام حشد من العمال، هاجم المغاربة الذين هتفوا “تازة قبل غزة” و”المغرب أولًا”، ووصفهم دون تردد بـ”الحمير” و”الميكروبات”. هذا الهجوم ليس زلة لسان، بل يكشف عن ذهنية ترى في الوطنية خطرًا إذا لم تمرّ عبر فقههم ومزايداتهم.
بنكيران لم يكتف بذلك، بل اعتاد مهاجمة الصحافيين الذين ينقلون تصريحاته كما هي، متهماً إياهم بالتحريف والنية السيئة، فقط لأنهم لا يطبلون له. وحتى داخل حزبه، لم يحتمل الأصوات الداعية للتجديد، واتهمها بـ”قلة الحياء” و”الخروج عن الصف”.
هكذا يتعامل دعاة الشورى حين تواجههم حرية حقيقية. المشكل اليوم ليس في غزة، بل في من يخنق أصوات المغاربة باسمها، ويريد فرض وصايته الأيديولوجية عليهم تحت قناع الدين.
محمد ماكري