يشهد المغرب بعد أشهر قليلة من الآن حدث الإنتخابات التشريعية التي ستكون حاسمة ومصيرية في رسم المشهد السياسي الجديد.
ولتجنب المفاجآت كالتي وقعت في 2011 حين حصل حزب سياسي واحد على عدد كبير من المقاعد البرلمانية، تسعى قوى الإستبداد المخزني إلى تصريف القرارات التحكمية من خلال الأحزاب الصورية التي لا تمتلك قرارها بيدها، ومن هذه القرارات مثلا حذف العتبة الإنتخابية، وذلك حتى يقع تشتت لأصوات الناخبين فلا يحصل أي حزب سياسي على أغلبية مريحة تمكنه من تشكيل الحكومة في معزل عن التدخلات التحكمية.
ومهما يكن من اختلافنا مع حزب العدالة والتنمية واستنكارنا لتفريط رئيس الحكومة في صلاحياته التي جاء بها الدستور الجديد، إلا أن اختلافنا معه يجب ألا يكون على حساب مؤسسة رئاسة الحكومة، والتي ينبغي لها تتكرس كسلطة فعلية تجعل من يتصدر الشأن العام ملزما بتقديم حصيلة منجزات حكومته أمام الشعب، وما تجربة المناضل الكبير عبد الرحمان اليوسفي منا ببعيد، حيث تعرض لضغوط كبيرة من طرف أعضاء حزبه وباقي الأحزاب الأخرى، ومنها حزب العدالة والتنمية، مما عجل بفشل تلك التجربة الواعدة، وعاد الإستبداد المخزني بأشد مما كان عليه الحال في أواخر عهد الحسن الثاني، فأضفنا عشر سنوات أخرى في قاعة الإنتظار حتى هبت رياح التغيير مع مجيء الربيع العربي وحركة 20 فبراير.
لذلك يجب علينا إدراك اللحظة التاريخية التي جاء بها الدستور الجديد، وتجنيب البلد مزيدا من الإنتظار على طريق الإنتقال نحو الديمقراطية، وحماية الشأن العام من قوى التحكم التي تحاول إقفال قوس الربيع العربي والعودة بنا إلى التسلط، خاصة وأن بلدنا المغرب يقدم النموذج لباقي البلدان العربية في نهج المسار الصحيح نحو التغيير، والإنتقال نحو الديمقراطية بأقل الخسائر، في إطار ما يسمى بالنبوغ المغربي.
التعليقات مغلقة.