لماذا خَلـَـت الجديدةُ صيفا ؟
جديدتـُـنا على مشارف الصيف . هناك استعدادات له من ساكنة المدينة ومن مسؤوليها الجماعيين . الجميع يرغب في أن يكون الموسم الصيفي القادم جميلا ومريـــحا ومربحا ، أن يكون لونه أزرق كلون السماء الصافية والبحر .
هذه السنة سيكون الصيف هلالا كاملا بعد انقضاء شهر رمضان الكريم قبل شهر ثمانية ، يعني أنه سيمتد شهرين كاملين وزيادة ، وهذا يتطلب استعدادا مضاعفا من الكلّ . في العام الماضي الكل يشهد على ركود موسمه بسبب تداخل الدخول المدرسي مع رمضان وعيده ومع الأضحى وخروفه . جاءت سلسلة المناسبات متصلة ومتقاربة الشيء الذي أحجم معه الزائر على السخاء بدراهمه . هناك شيء آخر أزعج الزائر وهو تلك (الإصلاحات) التي ابتدأت في طرقات مركز المدينة ، الموقع الحيوي فيها ، ولم تنته قبل الموسم الصيفي 2015 مما ضيّق على المجال على الضيوف ، وهناك إزعاجات أخرى منها مثلا :
نوعية السائح المحلي الذي يزور المدينة في المواسم الأخيرة .
الملاحظ أن زوار الجديدة الساحلية يغلب عليهم أصحاب الطبقات المشردة ، أو ما يطلق عليهم بالمشرملين والمشرملات ، الذين يملأون الفضاءات ـ على قلتها ـ صخبا وأزبالا أخلاقا سيئة . يقول أصحاب المحلات المعدة للكراء أن عشرين من هؤلاء يشتركون في غرفة واحدة بسبب البؤس الذي يحملونه معهم إلينا ،إذ ليست لهم القدرة على السكن في شقق فاخرة . هذه الظاهرة صارت منتشرة ، بحيث ملئت المدينة بالمزلوطين ، أما أصحاب الأموال النقية فلا أثر لهم ، ربما يفضلون شاطئ سيدي بوزيد القريب أو شواطئ الوالدية الهادئة مقارنة مع ضيق المجال في الجديدة.
نفس الشيء يمكن أن يخبرك به أصحاب المحلات التجارية ، يشتكون من قلة الزبائن الذين لا يتشطرون كثيرا ويقتنون فوق حاجتهم بالمزيد لهم ولعائلاتهم وأقربائهم وأصدقائهم ، يعتقدون أن أغنياء السياح يرحلون إلى مدن ساحلية أخرى يجدونها مريحة أكثر من الجديدة كمدن الشمال مثلا ، إذ لا يعقل أن يأتي السائح المخملي إلى الجديدة بأمواله ثم لا يجد راحته فيه ، من الضروري أن يرحل إلى أخرى ، ويبقى المجال مفتوحا للحثالات والمتساقطين بعد ذلك . ترى ماهو السبب في ذلك؟
بحكم اطلاعي على بعض العينات البشرية التي زارت الجديدة السنة الماضية وجدت شكواهم في العموم تدور حول قلة الفضاءات والمساحات التي يركن بها الزائر سيارته لو أراد أن يضرب دورة خفيفة أو مهمة في المدينة . نحن في فصل الشتوة نختنق بالزحام وبأنفسنا فكيف بالصيف .
منهم من يقول : ليس في المدينة إلا البحر . طيب ، بالنهار نستريح ونستحم بالبحر وبالليل أين نستريح ؟ أيضا نذهب إلى ناحية البحر . أين هي الحدائق والأماكن المفتوحة المناسبة لاستراحة الليل ؟ ربما يعتذر الواحد منا نحن سكان المدينة بوجود حديقة محمد الخامس ، لكنها حديقة واحدة لا تكفي خصوصا إذا كانت مهملة وصغيرة .
قد يتورط الزائر في هذه الوضعية ليلة أو ليلتين لكنه في صبيحة اليوم الثالث سيرحل وقد كان في نيته أن يطيل إجازته بالمدينة أكثر من ذلك ومن المستحيل أن تحلم به زائرا الموسم الذي يليه . يقول لك : هاذي والتـــوبة !!
هناك من يقول أن البلدية لم تراهن على إنشاء فضاءات بالمدينة وأطلقت الحبل على الغارب لأصحاب الإسمنت المسلح والحديد ليدكوا الأرض بصخورهم وضجيجهم وغبارهم .
أظن أن هذا هو السبب الأساسي ، وهو قلة الفضاءات التي تغري الزائر . ليس هناك مشكلة في السكن فأثمنة الكراء الموسم الماضي كانت مناسبة جدا وأحيانا هزيلة ، وليست هناك مشكلة في أثمنة سوق الخضروات والفواكه والسمك المشوي ، وليست هناك مشكلــة في الأمن ، ولا نتكلم على النادر ، لكن المشكلة الأكبر في الفضاءات القليلة التي قد تكون سـُــرِقت بطريقة أو بأخرى . والذين سرقوها لا يقضون إجازاتهم الصيفية عندنا في شواطئ الجديدة ولكن يقضونها في شواطئ جنوب شرق آسيا أو في سواحل أمريكا اللاتينية الذهبية . عندنا يقضون حاجاتهم فقط .
الكاتب محمد غزلي
التعليقات مغلقة.