أش واقع تيفي / هشام شوراق
المؤشر العالمي للتنمية البشرية 2025: المغرب في المرتبة 120 والأمم المتحدة تكشف الواقع المظلم
مرة أخرى تفضح تقارير الأمم المتحدة ما تحاول الحكومة المغربية إخفاءه وتجميله أمام الرأي العام، فقد صنف المؤشر العالمي للتنمية البشرية لسنة 2025 المغرب في المرتبة 120 عالمياً من أصل 193 دولة ورغم كل الشعارات البراقة والكلام المنمق الذي تسوقه الحكومة للمواطنين جاء التقرير ليضع المغرب في خانة الدول ذات التنمية المرتفعة شكلياً والمنهارة واقعياً خصوصاً حين نقارن وضعية المغرب مع دول أنهكتها الحروب والصراعات السياسية مثل ليبيا والعراق وسوريا التي باتت تحتل مراتب أحسن منه في عدة مؤشرات.
الأمم المتحدة لم تجامل أحداً وقالت إن أكثر من 6% من المغاربة يعانون من فقر متعدد الأبعاد وإن نسبة الحرمان تصل إلى 42% وهذا يعني أن خلف واجهات المهرجانات والافتتاحات المزينة هناك وطن يئن من الداخل، أليس من العيب أن دولة تقول إنها مستقرة وآمنة وتحقق الإنجازات تتأخر عن دول تعرف الحصار والدمار والاحتلال؟ دول مثل فلسطين واليمن وسوريا وموريتانيا باتت تنافس المغرب في التعليم والصحة ومعدلات التشغيل بل إن بعضها تفوق عليه، كيف يعقل أن نعيش في بلد يزعم امتلاكه لثروة فوسفاطية وفلاحية وساحلية هائلة ويعيش فيه المواطن مطحوناً مسحوقاً مغيباً لا يجد ما يسد به رمقه في حين تخرج الحكومة علينا بأرقام لا علاقة لها بالواقع وكأنها تتحدث عن سويسرا وليس عن المغرب، الناس ترى أبناءها يغرقون في البحر بحثاً عن وطن بديل والأمم المتحدة تكتب بالحبر ما يعرفه كل مغربي بالدم والعرق والخذلان.
في خضم هذه التقارير المقلقة خرجت الفنانة التي يحترمها الشعب المغربي البرلمانية فاطمة خير في نشاط حزبي بمدينة الداخلة تتحدث بكل فخر عن إنجازات الحكومة التي قالت إنها غيرت حياة المغاربة للأفضل وأضافت أن رئيس حزبها عزيز أخنوش يسهر ليلاً ونهاراً من أجل مصلحة هذا الوطن وقالت بالحرف: “أخنوش هو من يقود المغاربة إلى بر الأمان بكفاءته ومجهوداته”.
هذا التصريح أثار صدمة واسعة لدى فئة كبيرة من المواطنين الذين رأوا فيه إنكاراً تاماً لمعاناتهم اليومية واستهزاءً بعقولهم كتب أحدهم باسم “ولد الشعب” قائلاً: “بالله عليك أية حياة تغيرت غير حياة البرلمانيين الذين يتقاضون الملايين شهرياً في حين نعيش نحن على الفتات” وكتب عزيز : “فاطمة خير مثلت كثيراً في التلفاز لكنها فشلت في تمثيلنا في البرلمان” وقال ثالث اسمه عيان: “هل تدرين سيدتي كم عدد الفنانين الذين يستغيثون يومياً عبر مواقع التواصل بسبب المرض والحاجة أليس من الأجدر بك أن تفتحي فمك للحديث عنهم بدل التغني برئيس حزبك من أجل حقيبة وزارية”، وكتب سعيد” سمحو ليها كظن أنها في مشهد من مشاهد فيلم – حكومة الفراقشية” واقال حمزة ” الممثلة الغائبة عن الفن فاطمة خير 4 سنوات وهي برلمانية كتاخد 3 المليون سنتيم للشهر لم نسمع لها صوتا واليوم مع اقتراب الانتخابات تخرح لتتحف المغاربة بسكيتش عن رئيس حزبها.
أما النائب الشاب لحسن السعدي فقد خرج بتصريح يتبجح فيه أقل ما يقال عنه إنه عبثي حيث قال إن حكومة أخنوش هي أفضل حكومة مرت في تاريخ المغرب وإن الشباب استفادوا في عهدها أكثر من أي وقت مضى وقال أيضاً إن من ينتقد الحكومة يعاني من ضعف في الذاكرة أو مرض في البصيرة وهو ما فتح عليه أبواباً من التهكم حيث كتب أحد المعلقين باسم ولد عيشة: “أنت لا تمثلنا بل تمثل شبيبة الحزب التي تلهث وراء المناصب” وعلق آخر باسم ماشي ساذج: “إذا كانت هذه الحكومة الأفضل في نظرك فالأكيد أن معيارك الوحيد هو ما جنيته منها من امتيازات وليس ما جناه المغاربة من فقر وبطالة واحتقار” وكتب ثالث باسم “مقهور في هاذ البلاد”: “أنتم لا تشاهدون الواقع بل تحلمون فوق كراسي البرلمان وكل ما يهمكم هو رضا الزعيم رئيس حكومة الفراقشية وتصفيف الكلام لأجل البقاء في الصورة أما المواطن فليس ضمن حساباتكم من الأصل”.
الواقع اللي كتغطي عليه الحكومة بالبلاغات الرسمية هو أن مدن بحال سيدي بنور والجديدة واليوسفية أسفي وفجيج وزاكورة… كتعيش في العصور الوسطى بلا مستشفيات حقيقية بلا فرص تشغيل بلا خدمات اجتماعية والمواطن كيخلص الضريبة على الفقر والذل والتهميش بينما الوزراء كيركبو طائرات درجة أولى وكيهضرو على التنمية المستدامة وكأنهم فمنتدى دافوس ماشي فبلاد ماتت فيها الثقة وانتحرت فيها العدالة، الأمم المتحدة قالت كلامها بلغة الأرقام والشعب قال كلامو بلغة القهر والبوح واللي باقين ساكتين راه خايفين ماشي راضين وواحد السيد سما راسو ولد السوق كتب الواقع بحال كابوس نصبحو على خبر انتحار شاب ولا غرق قارب ولا وفاة أم بسبب الإهمال فمستشفى عمومي ونبقاو نسمعو المسؤولين كيهنيو راسهم على مشاريع ما كتشوفها حتى فالمنام.
التنمية الحقيقية ماشي فالمؤشرات اللي كيتسوقوها فالرباط ولكن في المائدة المغربية في مدرسته في مستوصف حومتو ففرصة شغل كتحميه من الإجرام والهجرة السرية ومن فقدان الأمل أما حكومة كتمثل الشعب وما كتعرفش شنو واقع عليه فهدي راه مسرحية حزينة بطعم الخيانة.
المغرب محتاج لأصوات حقيقة ماشي لقصص النجاح الكاذبة محتاج لحكومة تخرج من الصالونات وتسمع لأنين المدن والقرى المهجورة محتاج لمسؤولين يحسو قبل ما يهضرو ويتحاسبو قبل ما يتفاخروا لأن الشعب ما بقاش كيسامح وما بقاش كيصدق والكلام كثار ولكن الخلاص غايب.
والسؤال الكبير الذي يطرحه المواطن اليوم: كم من الوقت سنظل نشاهد هذه المسرحية الرديئة؟ وكم من تلميذ سيتسرب من المدارس؟ وكم من شاب سينطفئ حلمه؟ وكم من أسرة ستُفكك تحت ضغط الفقر والقهر؟
الجواب ليس في كلمات فاطمة خير، ولا في “تفاؤل” لحسن السعدي، بل في استعادة الكرامة الوطنية عبر سياسات حقيقية تعيد الإنسان إلى قلب التنمية، لا إلى هامش الخطابات.