أش واقع تيفي / الرباط
في خطوة استراتيجية تهدف إلى فك العقدة العقارية التي تخنق الطبقة المتوسطة أطلقت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة طلب عروض مفتوح دولي للمساعدة في وضع برنامج طموح لتنمية السكن الإيجاري المتوسط بالمغرب بكلفة تقديرية تناهز 3 ملايين و500 ألف درهم أي ما يعادل 350 مليون سنتيم ومن المنتظر أن يتم فتح الأظرفة المتعلقة بهذا الطلب الدولي يوم الجمعة 18 يوليوز 2025 في مكاتب مديرة الاستراتيجية والتمويلات والتقييم.
سياق التحدي الديمغرافي وضغط المدن الكبرى
المهمة تندرج في إطار رغبة الوزارة في تنشيط سوق الإيجار السكني بالمغرب لا سيما من خلال تطوير برنامج مخصص للسكن الإيجاري المتوسط يهدف إلى تنويع العرض السكني ذلك أن الضغط الديمغرافي الحالي الذي يظهر ارتفاعا متزايدا في معدل التمدن والذي بلغ 62.8% حسب إحصاء 2024 مقابل 60.3% سنة 2014 يفرض على السلطات العمومية ضرورة ملحة لتنويع العرض السكني خصوصا في الفئات الجغرافية أو الاجتماعية التي يصعب عليها التملك وعليه سيساهم هذا البرنامج في الاستجابة لحالة الضغط المتزايد في الأسواق العقارية بالمغرب ولصعوبات الولوج للسكن لا سيما في المدن الكبرى وفي المدن التي تم إطلاق مشاريع كبرى فيها أو تلك المبرمجة على المدى القصير أو المتوسط.
السكن الإيجاري المتوسط: تعريف ومقترحات تنفيذية
تأتي هذه الاستشارة في سياق يعتبر فيه تطوير السكن الإيجاري المتوسط رافعة استراتيجية لمواجهة تحديات الولوج إلى السكن بالنسبة للطبقة المتوسطة. ويعرف هذا النوع من السكن بأنه عرض بإيجارات مضبوطة يقع بين السوق الحرة والسكن الاجتماعي ويستهدف الأسر ذات الدخل المتوسط. ويعد السكن الإيجاري المتوسط عرضا بسعر إيجار أقل من السوق الحرة مما يسهل الولوج للسكن بالنسبة للطبقة المتوسطة والشباب النشيط في المناطق التي تعرف ضغطا كبيرا.
وقد تم تصور مسودات أولية لعدة صيغ تنفيذية من بينها الاقتناء أو البناء الذاتي لأغراض الإيجار بأسعار مضبوطة أو الإيجار بغرض التأجير من الباطن عبر هيئة مخصصة مع تغطية مخاطر الإيجار إضافة إلى تجديد المساكن المؤجرة سابقا بمساعدة هيئة ثم إعادة تأجيرها عبر نفس الهيئة ويمكن ربط هذه الحلول وغيرها مما سيطور من طرف مقدم الخدمة بنظام ادخار مرتبط بالإيجار تخصص منه نسبة كمساهمة أولية يمكن استخدامها لاحقا لتمويل مشروع تملك السكن مما يُشجع على التنقل السكني المتدرج ويقدم حلا مرنا يلبي احتياجات مختلف الفئات.
تفاصيل المهمة ومراحل التنفيذ: خارطة طريق بخمسة أشهر
وفق طلب العروض سيركز مقدم الخدمة في تنفيذ مهمته على مدن نموذجية تشمل أساسا المدن الكبرى والتجمعات الحضرية إضافة إلى المدن التي تعرف مشاريع كبرى مثل أكادير والدار البيضاء المحمدية والداخلة وفاس والعيون ومراكش وطنجة والرباط سلا وتهدف هذه المهمة إلى دعم صاحب المشروع في تحليل جدوى تطوير برنامج مخصص للسكن الإيجاري المتوسط بالمغرب من خلال أهداف محددة تشمل تحليل سلوك السوق الإيجاري المغربي واحتياجاته وتأكيد جدوى تطوير عرض إيجاري متوسط ضمن الأسواق العقارية المغربية وبناء هيكلة تقنية ومالية آمنة لتطوير المنتجات المقترحة.
وحددت المدة الإجمالية لتنفيذ طلب العروض في خمسة أشهر كحد أقصى وذلك على مرحلتين أساسيتين المرحلة الأولى تتعلق بمواكبة الوزارة في تحليل الوضع القائم واقتراح السيناريوهات المثلى لنشر البرنامج وتقوم هذه المرحلة اعتمادا على الأعمال والبيانات الموجودة لدى الوزارة بتحديد وتحليل الممارسات الجارية من خلال تحليل شامل للسوق الإيجاري المغربي من النواحي القانونية والضريبية وحصر الحظيرة السكنية الشاغرة بهدف قياس مدى استجابة العرض الحالي وتحديد الفئة المستهدفة بدقة وتحديد الرافعات والآليات التحفيزية وتقديم مقارنات دولية من تجارب رائدة مثل فرنسا والمملكة المتحدة وسنغافورة والأرجنتين في نهاية هذه المرحلة يدعم مقدم الخدمة صاحب المشروع في اعتماد السيناريوهات المثلى لنشر البرنامج مع تحديد عوامل النجاح والمعيقات ويجب تقديم نتائج هذه المرحلة والآليات التحفيزية المقترحة في أجل أقصاه شهران من بداية المرحلة وستعتمد هذه المرحلة على تحليل الوثائق والدراسات السارية بمساعدة صاحب المشروع وتنظيم مقابلات فردية أو جماعية مع مختلف الفاعلين المعنيين من وكالات عقارية وجماعات محلية وغيرها.
أما في المرحلة الثانية فتتم مواكبة الوزارة في تحديد خصائص البرنامج وإعداد الهيكلة التقنية والمالية ويقوم مقدم الخدمة استنادا إلى السيناريو المعتمد بمواكبة الوزارة في تحديد خصائص البرنامج وطرق تنفيذه وتحديد الحوكمة والمشاركين وتحديد الفئة المستهدفة من حيث الحجم والخصائص والحاجيات. وخلال المرحلة ذاتها سيتم إعداد الهيكلة التقنية والمالية وتشمل هذه الخطوة تحديد شروط الشراكة من شراء أو بناء أو إدارة وتحديد الحد الأدنى من عدد الوحدات لضمان الجدوى الاقتصادية وإجراء محاكاة مالية وتحديد مستويات الإيجار المقبولة من طرف الدولة والمالكين مع أو بدون نظام ادخار ومستويات الإيجار المقبولة من طرف المستأجرين.
يبقى السؤال مطروحا حول مدى قدرة هذه المبادرة على تحقيق الأهداف المرجوة في ظل تحديات السوق العقاري المغربي المتزايدة والضغط المتواصل على الفئات المتوسطة التي تتطلع إلى حلول سكنية مستدامة وميسرة.
تعليقات
0