أش واقع تيفي / هشام شوراق
في واقعة خطيرة هزت الأوساط الرياضية بالمغرب دعت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في الرياضة إلى فتح تحقيق إداري فوري وتحديد المسؤوليات بشأن “فرار” خمسة من لاعبي المنتخب الوطني لكرة اليد لأقل من 19 سنة خلال مشاركتهم الدولية الأخيرة ببولندا، هذه الفضيحة التي وصفتها الهيئة بـ “الصدمة الوطنية” أساءت إلى صورة الرياضة المغربية وكشفت عن اختلالات بنيوية عميقة داخل الجامعة الملكية المغربية لكرة اليد.
ووجهت الهيئة مراسلة رسمية إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة محمد سعد برادة تطالب من خلالها بفتح تحقيق إداري مستقل وعاجل، أشارت الهيئة إلى أن هذه الحادثة غير المسبوقة بهذا الحجم لا يمكن فصلها عن سلسلة من الاختلالات التي تشوب تسيير الجامعة الملكية المغربية لكرة اليد والتي تستدعي المساءلة والمحاسبة.
كشفت المراسلة عن جملة من الخروقات والتقصير الإداري الذي رافق هذه المشاركة الدولية من أبرزها غياب أي مسؤول جامعي رفيع المستوى عن مرافقة البعثة الرسمية وهو ما يثير شكوكا حول وجود إهمال إداري أو حتى تواطؤ ضمني كما أشارت الهيئة إلى مشاركة شخص يفوق سن الثلاثين ضمن الوفد بصفة “مرافق” في خرق واضح للضوابط المعمول بها ويُعتقد أنه مقرب من الكاتب العام للجامعة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك حيث لفتت الهيئة إلى أن الجامعة توصلت بمراسلات رسمية من نادي مجد سوق السبت تحذر من أحد اللاعبين الفارين (أك.أ) وتتنصل من مسؤوليتها دون أن تتخذ أي إجراء وقائي أو تحفظي الأدهى أن الهيئة حذرت من وجود اسم يتكرر في التربصات بالخارج كمنسق معتمد يُشتبه في ضلوعه بالتنسيق مع جهات في أوروبا لتسهيل “الهجرة السرية” للاعبين في غطاء رياضي.
استنكرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في الرياضة الصمت التام من طرف الجامعة وعدم إصدار أي بلاغ توضيحي للرأي العام في تجاهل لمبدأ الشفافية وحق المواطنين في المعلومة وأشارت الهيئة إلى تكرار هذه الحوادث في مناسبات سابقة حيث سبق أن فر لاعب من منتخب الفتيان سنة 2023 خلال مشاركة في كرواتيا دون أن تتخذ أي إجراءات تأديبية أو احترازية مما شجع على التمادي وتفاقم الظاهرة.
ونددت الهيئة بضعف التأطير التربوي والنفسي للمنتخب الشاب رغم التصريحات السابقة للمسؤولين الجامعيين بأن هذه المجموعة تشكل “مستقبل المنتخب الوطني الأول” ما يضاعف مسؤولية الجامعة والأمر الأكثر خطورة هو وجود مؤشرات على استغلال الجامعة كغطاء للهجرة غير النظامية مما يهدد بسحب الثقة من المنتخبات الوطنية من قبل السفارات الأجنبية في المستقبل ويهدد بمزيد من القيود على التأشيرات الرياضية.
طالبت الهيئة من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بفتح تحقيق إداري عاجل لتحديد مسؤوليات الأطراف المتدخلة من الجامعة إلى طاقم التسيير والتأطير وإحالة نتائج التحقيق على الجهات القضائية والرقابية المختصة إذا ما تم التأكد من وجود تقصير جسيم أو تواطؤ إداري أو استغلال للمهمة الرسمية لأغراض غير مشروعة.
كما شددت الهيئة على ضرورة إلزام الجامعة بإصدار بلاغ رسمي للرأي العام يوضح ملابسات الواقعة والإجراءات التأديبية المتخذة حفاظاً على صورة المغرب الرياضية وطالبت بمراجعة المساطر التنظيمية المرتبطة بالمشاركات الدولية للمنتخبات الشابة من حيث اختيار الوفود وتأطير اللاعبين وآليات المراقبة والتقييم ودعت لفرض معايير صارمة لتعيين رؤساء الوفود والمرافقين وربط ذلك بالكفاءة والتجربة وتحييد منطق الزبونية والمحسوبية الذي يتغلغل في بعض الجامعات مع إحداث آلية رقابة داخلية دائمة داخل الوزارة لمتابعة تنفيذ برامج الاستعداد والمشاركات الخارجية للمنتخبات الوطنية لا سيما في الفئات الصغرى.
أكدت الهيئة أن ما وقع لا يمس فقط بصورة الجامعة المعنية بل يضرب في العمق مصداقية الرياضة الوطنية ويعطي صورة قاتمة عن مؤسساتنا أمام الرأي العام الوطني والدولي وهو ما لا يمكن التساهل معه معبرة عن استعداداها لوضع كل المعطيات التفصيلية والموثقة التي تتوفر عليها الهيئة رهن إشارة الوزارة والتعاون مع مصالحها المختصة في هذا الشأن.
تعليقات
0