يسيطر على الساحة في المغرب وفي مجمل بلدان العرب فصيلان أو توجهان فكريان، توجه تمثله أحزاب تنعت باليسارية والحداثية وأخرى تنعت بالأحزاب الإسلامية والمحافظة، وكلها تدعي الديمقراطية والسعي نحو الحرية والعدالة الإجتماعية، وغالبا ماتنشب بينها صراعات ومواجهات وصدامات سياسية وانتخابية وفكرية، تدفع أحيانا كلا منهما إلى التواطؤ مع أنظمة الحكم الإستبدادية لقطع الطريق على الطرف الآخر، حتى سادت ثقافة الإقصاء ورفض الآخر وادعاء امتلاك الحقيقة لكل طرف، رغم أنه داخل كل توجه هناك تباينات واختلافات تصل حد التناقض.
لكن في السنوات الأخيرة وخصوصا بعد قيام الربيع العربي خفت حدة هذا التناقض بسبب دخول الشباب على الخط للمطالبة بالحرية والديمقراطية، ولايهم هذا الجيل في شيء الصراعات الإيديولوجية الفصائلية، ولا حسابات القيادات الحزبية الهرمة التي تتكئ على الشحن العقائدي والإيديولوجي للسيطرة على المناضلين وضمان الولاء للزعيم.
لقد جن جنون الإستبداد المخزني أثناء نزول جميع التيارات الفكرية والإيديولوجية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، مع شباب حركة 20 فبراير، وهو الذي لا يدخر جهدا لتعميق الإنقسام وزرع الإختلاف بين هذه التوجهات في إطار سياسة فرق تسد التي هي من أهم ركائز كل نظام استبدادي عبر التاريخ.
وقد سبق لبعض المفكرين أن دعوا لوحدة بين كل التيارات كالفيلسوف محمد عابد الجابري في إطار الكثلة التاريخية، لكن الظروف لم تكن قد نضجت بعد، ونتمنى أن تستمع القيادات الحزبية لدرس 20 فبراير وتنهي هذا الإنقسام الذي لا يستفيد منه إلا داعموا الفساد والإستبداد في هذا البلد.
التعليقات مغلقة.