أش واقع تيفي
في تطور لافت لقضية أثارت جدلًا واسعًا في فرنسا كشف تقرير صادر عن لجنة تحقيق تابعة لمجلس الشيوخ الفرنسي وجود مؤشرات قوية على تواطؤ محتمل بين مسؤولين حكوميين وشركة “نستله ووترز” من أجل التستر على استخدام تقنيات محظورة لمعالجة المياه المعدنية.
وخلص التقرير الذي نُشر يوم الاثنين 26 ماي الجاري بعد تحقيق دام ستة أشهر وضم أكثر من 70 جلسة استماع إلى أن السلطات الفرنسية غضّت الطرف عن ممارسات غير قانونية سمحت لنستله باستخدام مرشحات وفلاتر وأشعة فوق بنفسجية لإزالة ملوثات من المياه – وهي ممارسات مخالفة للقوانين الأوروبية التي تحظر أي تغيير في الخصائص الطبيعية للمياه المعدنية.
أشارت اللجنة إلى أن هذه المعالجات التي يُمنع استخدامها قانونيًا طُبقت في مصانع إنتاج علامات مشهورة مثل “بيرييه” و”كونتريكس” و”إيبار” رغم علم السلطات بالأمر منذ عام 2021 دون اتخاذ إجراءات فورية.
واعتبر التقرير أن هذا السكوت يعكس استراتيجية رسمية للتعتيم على الوقائع قائلًا إن “التستر تم عن وعي وجرى تداوله على أعلى مستوى حكومي” في إشارة إلى اجتماع وزاري عقد بتاريخ 14 أكتوبر 2021 خُصص لملف المياه المعدنية.
من جانبها قالت شركة نستله إنها لجأت إلى هذه التقنيات لضمان سلامة المياه خلال فترات التلوث البكتيري الناتج عن عمليات الحفر مؤكدة أنها أخطرت السلطات منذ منتصف 2021 ودعت لاحقًا إلى تحديث القوانين المنظمة.
لكن لجنة التحقيق البرلمانية شككت في نوايا الشركة وأكدت أن “ما لا يقل عن ثلث العلامات التجارية الفرنسية” للمياه المعدنية خضعت لنفس الممارسات المحظورة ما يجعل من القضية “أزمة شفافية حقيقية تطال كبرى الشركات وأعلى أجهزة الدولة”.
طالبت اللجنة بإجراء تحقيق قضائي شفاف ومستقل لتحديد المسؤوليات ومعالجة ما وصفته بـ”الخلل المؤسسي في الرقابة الصحية” كما شددت على ضرورة إعلام المواطنين بشكل واضح بمدى سلامة المنتجات التي تصل إلى الأسواق.
ويُرتقب أن تثير هذه القضية جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والاقتصادية خاصة في ظل تنامي القلق العام بشأن ثقة المستهلكين في المنتجات المصنفة على أنها “طبيعية” و”آمنة” في وقت تتزايد فيه الدعوات لمحاسبة الشركات الكبرى وتفعيل الرقابة الصارمة.