آش واقع تيفي / وكالات
تشبه السيارات الكهربائية الحديثة إلى حد كبير أجهزة الحاسوب المتطورة، فهي تعتمد على البرامج الإلكترونية لدرجة أنك بحاجة إلى أن تكون خبيرا بالتكنولوجيا إذا احتجت لإصلاحها نتيجة عطل ما، وهذا هو السبب الذي دفع شركات السيارات الكبرى في العالم اليوم مثل “تويوتا” (Toyota) و”مرسيدس” (Mercedes) و”فولكس فاغن” (Volkswagen) و”جنرال موتورز” (General Motors) وغيرها من الشركات إلى عوالم البرمجيات وخفاياها الكثيرة.
ولعل الفخامة والمحركات القوية ومميزات الراحة الكثيرة التي تتمتع بها هذه السيارات هي من أهم العوامل التي تدفع الناس لشرائها، ولكن الكثير من العملاء أصبحوا أكثر اهتماما بمميزات أخرى الآن مثل السائق الآلي، وأنظمة الاتصال الحديثة، ووسائل الترفيه المتعددة التي يجب أن تحتويها هذه السيارات.
وهذا يعني أن هذه السيارات تحتاج إلى برامج إلكترونية حديثة ومتطورة للغاية قادرة على إدارة المحركات الكهربائية والسائق الآلي والبطاريات، وتوفير كافة المميزات التي يطلبها الزبائن والعملاء. ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تحتاج هذه البرامج إلى تحديث مستمر مثلها مثل أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية التي يملكها كل واحد منا؟
بطبيعة الحال يمكنك أن تقود سيارتك إلى مركز خدمة العملاء كل شهرين مرة أو نحو ذلك. لكن التحديثات المطلوبة قد لا تنتظر كل هذه المدة، خصوصا في حالة حدوث ثغرات أمنية، ومحاولات تسلل واختراق لهذه البرامج التي تتكون منها سيارتك، لهذا فالخيار الأفضل هو التحديثات الفورية عبر السحابة الافتراضية، أو التحديثات عبر الهواء مباشرة، فهذه السيارات متصلة بالإنترنت بشكل دائم، ويمكنها تنزيل التحديثات متى تظهر أولا بأول.
برنامج للتحديث الفوري عبر السحابة
قد يعتقد البعض أن من الغريب تحديث برامج السيارة، ولكن هذا يحدث معنا جميعا حين نحدث حواسيبنا وهواتفنا الذكية في كل وقت، فلم لا يحدث ذلك مع سياراتنا.
وفي واقع الحال فإن هذا بالضبط ما تحاول أن تفعله شركة فولكس فاغن الآن، إذ أعلنت مؤخرا عبر منصتها عن نظام للتحديث الفوري في سياراتها الكهربائية الحديثة، حيث ستكون هناك بطاقة هوية خاصة بكل سيارة تحتفظ بكافة سجلاتها بما فيها تحديثات البرامج الإلكترونية التي تضمها.
وقال توماس أولبريتش، عضو مجلس إدارة التطوير التقني في شركة فوكس فاغن، “يمكن للمركبات والسيارات التي تحتوي بشكل دائم على أحدث البرامج أن توفر تجربة رقمية ممتازة للعملاء، وبالتالي فهي ذات أهمية قصوى لنجاحنا في المستقبل.. وبفضل التحديثات المنتظمة، لن تظل السيارة محدثة فحسب، بل ستصبح أفضل”.
وفي الحقيقة، فإن فولكس فاغن ترى في هذا التطور فرصة كي تصبح شركة تقنية أكثر توجها نحو البرمجيات بدلا من مجرد شركة تصنيع سيارات، وهو ما تسعى إليه الكثير من شركات تصنيع المركبات الآن، في ظل عالم يتجه نحو رقمنة كل شيء بشكل غير مسبوق.
عصرنا الرقمي يشهد تغيرا كبيرا في طريقة تفكير الناس حول السيارات أو ما تحتاج إليه مركباتهم (غيتي)
عصر جديد للسيارات يعتمد على البرمجيات
ويشهد عصرنا الرقمي تغيّرا كبيرا في طريقة تفكير الناس حول السيارات أو ما تحتاج إليه مركباتهم، فالسيارة لم تعد مجرد وسيلة نقل، وفي الواقع فإن العديد من سكان المدن لا يحتاجون للسيارات أصلا، وبالذات في ظل توفر طرق النقل المتطورة والحديثة مثل شبكات الميترو والحافلات السريعة وغيرها. ولكن الذين يرغبون في امتلاك السيارات أصبحوا يريدون الكثير من المميزات والخدمات الإضافية فيها، وهذا ما تحاول شركات صناعة وإنتاج السيارت الكهربائية فعله الآن، وهو ميدان سيحقق مئات الملايين من العائدات الإضافية لهذه الشركات على مدى السنوات القليلة المقبلة.
وفي هذا السياق، أعلنت شركة جنرال موتورز عن منصة برمجية جديدة “شاملة” لسياراتها تسمى “يولتيفاي” (Ultifi)، وتقول جنرال موتورز “جي إم” (GM) إن البرنامج الجديد سيمكن سياراتها من تحديث برامجها الإلكترونية مباشرة عبر الأثير إضافة إلى العديد من التحسينات الجديدة التي ستزيد من “ولاء العملاء”، كما ذكر موقع “ذا فيرج” (TH VERGE) مؤخرا.
من صانع سيارات إلى مبتكر منصات
وتؤكد شركة صناعة السيارات العملاقة أن البرنامج الجديد يعمل على تشغيل كل شيء داخل السيارة مثل تطبيقات الطقس، إلى الميزات الأخرى المثيرة للجدل مثل استخدام الكاميرات داخل السيارة للتعرف على الوجه، أو لاكتشاف عبث الأطفال ومحاولتهم فتح قفل باب أو نوافذ السيارة، كما سيكون النظام متاحا أيضا لمطوري الطرف الثالث الذين قد يرغبون في إنشاء تطبيقات وميزات أخرى لعملاء جنرال موتورز.
وقال سكوت ميلر، نائب رئيس إدارة البرمجيات في الشركة، إن جنرال موتورز تخضع حاليا لعملية تغير شاملة “من صانع سيارات إلى مبتكر منصات”.
وقالت الشركة إنها ستبدأ في تشغيل نظامها الجديد “يولتيفاي” على جميع سياراتها التي تعمل بالكهرباء والغاز في عام 2023، وبحلول ذلك الوقت سيكون لدى جنرال موتورز العديد من المركبات التي تعمل بنظام التشغيل “أندرويد أوتوموتيف” (Android Automotive) المضمن من “غوغل” (Google) والذي يؤكد ميلر أنه سيعمل “جنبا إلى جنب” مع منصتها البرمجية الجديدة في سيارات معينة. وأضاف ميلر أنه لن تحصل كل مركبة من سيارات جنرال موتورز على نظام أندرويد أوتوموتيف.
كانت السيارات في الماضي القريب مركبات تسير على عجلات، أما الآن فإنها حواسيب تسير على برمجيات وتحتاج لتحديث مستمر كي تبقى على قيد الخدمة.
التعليقات مغلقة.